الوظيفة استكمال لأعمال بناء الإنسان، وهي الوثبة التي تضعه على درجة السلم بعد أن تعب وتعلَّم وصرفت لأجله البلد المبالغ الطائلة، وقدمت له كل ما يلزمه ويحتاجه في حال سفره، وغربته عن الأهل.
وتأتي التوجيهات السامية من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي العهد الأمين من وازع الوعي ودافع الاهتمام بالإنسان كونه الثروة الحقيقية التي تبنى على أركانها الأوطان ويشيد البنيان ، ويصنع المجد وينتج كل ما يحفظ مكتسبات الوطن ويحمي منجزاته.. توجيهات تسابق الزمن من أجل إسعاد الإنسان والنهوض به وتشكيل شخصيته وصياغة مستقبله، وجعله الإنسان المكرم المنعم والمقدر والمحترم على تراب أرضه التي تربى عليها وحلم في كنفها على أن يكون الإنسان المميز في كل الصفات والمعطيات..
توجيهات تضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية والإنسان سواء الدوائر والمؤسسات الحكومية أو الموظفين .. فعندما تصدر التوجيهات فلابد من الأخذ في الاعتبار أهمية ما يتم التوجيه إليه، فالمواطن اليوم تنتظره التزامات وطنية وأخلاقية أمام وطنه، ولابد من أن يعي دوره تجاه الوطن، وإذا كانت المؤسسات والدوائر مطالبة بأن تستقبل أبناء الوطن بالرحب والسعة، وتوفر لهم كافة إمكانيات التوظيف وسبل العمل المناسبة، فإن المواطن تقع على عاتقه أيضاً أن يكون بنفس مستوى المسؤولية والالتزام، ولا مجال للتراخي والتردد، والتساهل والتعالي على الوظيفة، ففي كل مجال وموقع الوطن حاجة إلى أبنائه ولا وظيفة تقل قيمة أو مستوى عن أخرى فالجميع جنود لهذا الوطن، والجميع من الواجب عليهم أن يلبوا النداء بكل شفافية وكل همية، وكل اهتمام.
وكما أن المواطن بحاجة إلى وظيفة تحفظ مكانته بين أهله ومجتمعه وتجعله يأكل من عرق جبينه فإن الوطن بحاجة أيضاً إلى هذا المواطن الجاد الصادق المخلص الذي لا تعنيه المظاهر الكذابة كثيراً، والذي يعمل من أجل يرفع من مستواه المعيشي ويخدم وطنه وأن يكون أهلاً لسد الفراغ.. والمستقبل ينتظر الجميع، وجميع التخصصات والمؤهلات والقدرات هي طاقة مستدامة يحتاجها الوطن ولم يعد في الوقت من متسع لأن يبقى المواطن خارج الضوء في انتظار الوظيفة “الكشخة” التي تقول إن فلان يعمل في الوظيفة الفلانية مسؤولاً كبيراً.. فالعالم تغير والمفاهيم يجب أن تتغير والتطلعات يجب أن تتغير والهدف يجب أن يكون هو هذا الوطن الذي يجب أن يكون دوماً حديثنا وحدثنا، ومحدثنا الذي لا يغيب إلا في شفاف القلوب.. توجيهات صدرت وترجمتها تتوقف على طرفين.. الطرف الأول الدوائر الحكومية والتي يجب أن تتخلى عن “لا يوجد شاغر”، والطرف الثاني هو المواطن الذي يجب ألا يتعالى ولا يتذمر إلا من البطالة، أما الوظيفة فكل وظيفة هي شرف ومتعة وحصانة للإنسان من حياة العدم.


marafea@emi.ae