ما نراه من الأغلاط الشائعة في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية يشعرنا بالأسى والأسف لما آلت إليه العربية من ضياع وتضييع بيد أبنائها، وصار لزاماً علينا أن نشكل جمعيات لحماية العربية، من أهلها وبين أهلها، من الضياع، فلم يعد الخوف من غزو خارجي فقط للغتنا، بل الخوف منا أنفسنا، إذ بمعاولنا نمعن في هدمها بعلم منا تارة، وبغفلة تارة أخرى! أصبح الحديث عن صراع الفصحى والعامية نوعاً من الاجترار، أو السباحة في الفضاء، بل أكثر من ذلك، أنك إذا تحدثت الفصحى اتهمت «بالفصحنة»، أو «التقعر»، وربما بالإرهاب، وانفض الناس من حولك ناقمين، أو هازئين، وكأنك كائن فضائي غريب، هامسين فيما بينهم عنك بأنك تعيش في القرون الوسطى! والطامة الكبرى هي في هذا الكم من الأغلاط الشائعة في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وأشير مجرد إشارة لنماذج منها لا غير، لأنها أكثر من أن تحصى. فيقال جاء «نفس الرجل»، ورأيتُ «ذات المرأة»،‏ فقد استعمل لفظا «نفس» و»ذات» للتوكيد في غير سياقهما الفصيح الصحيح، ذاك أن لفظ التوكيد المعنوي: «جميع - نفس - عين - كل... إلخ» ينبغي أن يرد بعد الاسم المراد توكيده أولاً.‏ ويشترط ثانياً لإقامة التوكيد بهذه الألفاظ أن تضاف إلى ضمير يعود على المؤكَّد ويناسبه، فيقال: «جاء الرجل نفسه» و»رأيتُ المرأة ذاتها».‏ وكذلك نلاحظ أن «سوى» و»غير» هما من أدوات الاستثناء، تردان هكذا دون إدخال «ال» التعريف عليهما، والغلط في تعريفهما كأن يقال: وهذا «السِّوى» من الكائنات، وهذه الألفاظ «الغير» مفهومة. والصواب القول: «وسوى هذا من الكائنات»، و»هذه الألفاظ غير المفهومة».‏ ويدخل في هذا النوع من الغلط تعريف لفظ «بعض».. فإنها لا تعرف على الإطلاق.‏ استخدام «لام» الاختصاص والملك في غير موضعها يؤدي إلى ركاكة وضعف في تركيب الجملة اللغوي. وقد كثر ذلك، حتى بات نتيجة التكرار والتواتر، وكأنه صواب.‏ يقال مثلاً: «الجنة للمؤمنين» على سبيل الاختصاص. وفي القرآن: «له ما في السموات وما في الأرض» على سبيل الملك.‏ ونغلط حين نقول: «في السن المبكرة للطفل» فالأفصح أن نقول: «في سن الطفل المبكرة» فلفظ «المبكرة» هو صفة لكلمة «سن» ويجانبهم الصواب عندما يقولون في نشرات الأخبار: ‏»جرى ذلك إثر قتل الجنود الإسرائيليين لاثنين من الفلسطينيين» وكان يجب أن يقال: «... اثنين من الفلسطينيين» لأن كلمة «اثنين» هي معمول المصدر المضاف الذي يعمل عمل الفعل المبني للمعلوم، فهي إذاً «مفعول به».‏ Esmaiel.Hasan@admedia.ae