يقال عندنا قديماً:” ريّال يساوي 16 آنه” أي أنه رجل جدير، وتليق به الرجولة الحقة، ونقول:” فلان ما يساوي جرّخيه أو ما يساوي آنه أو ما يساوي آردي” أي عديم النفع، ولا يستحق التقدير، أو كما كانت تقول العرب في غابر وقتها: والله أنه في سوق الرجال، لا أشتريه بفتة بعرة، وبالرغم من أن الرجال لا يقاسون بالأموال، والرجولة ليست بالسيولة، إلا في وقت يلعن فيه الشخص أخاه، ويتبرأ الولد من والده، لكنه تعبير عفوي من أناس عفويين، أدركوا بفطرتهم أن المال يزن بعض الرجال، وأن جوهر الرجال يجليه ويظهره المال، ترى من أبقى الكلمات التي من ذهب، أم رجال عابرون كانوا يعشقون الذهب؟ الحياة تقول: إن الكلمات الثمينة لها كل الوقت، أما الرجال المنتفعون فلهم بعض الوقت!
- وكان يقال عندنا: “ فلان لو تحطّه على اليرح يبرأ” من كثر خيره وبركته وإحسانه ومعروفه بين الناس، وبالمقابل كانوا يقولون من خبرتهم وبفطرتهم: “ فلان ما يبول على اليرح” لتقتيره وشحه وبخله، وإمساكه عن فعل الخير، ولو بأقل الوسائل، وهو تطهير الجرح بفعل شيء من مجبرات الطبيعة، ولن تخسره شيئاً، لكن هذا هو الفرق بين الرجال، وهرط الرجال، بين رجل يسعى لكلمة “وَنْعمّ” الغالية والمتعالية، ليجد له مكاناً متعادلاً على الأقل مع أكتاف الرجال الحقيقيين، وبين “الرخمة” المكسـور وجهـها وأنفها في الفطـائس!
- حين تذكر الرجولة، تذكر الفروسية، وتذكر المعاني الجميلة في الحياة، ليس من قبيل التفرقة بين تاء التأنيث، وجمع المذكر السالم، ولكنه أمر جاء مع حراك الزمان وعراكه، جاء مع التاريخ وتجارب الحب والحرب، وتلك الصدارة التي تولاها الرجل من أزل الوقت، والذي أعطته أجمل ما في الحياة من معان، وألصقت به صفات لا يقدر على حملها إلا من كانت له أكتاف من شرف وصدق وأمانة، وأن يمتطي لها ومن أجلها السهل والصعب، صفات تنوخ عند أعتابها هزال الركب، وصغار القلوب، وتهد كاهل الرجال الذين لم تلدهم حرائر النفوس!
- علينا أن نفرق بين جمع المذكر السالم، وجمع المذكر السالب، الأول من نقصد وننشد، ونفخر أن يكون بيننا، عضيد وعقيد، وساعة النداء أقرب من حبل الوريد، ستر على خدر الجار، والإيثار والخير ظل خطواته السائرة والدائمة، لا يعرف الأذى، لأنه ليس من خلائق الشرفاء، إلا مع المحاربين الأعداء، ولا يتحلى إلا بثوب الطُهر، كما يليق دائماً بحرّاس الأوطان!


amood8@yahoo.com