الإجازة حق مكتسب للموظف، من شأنها تجديد الدماء والتحرر من ضغوط العمل وهمومه ومشاكله وأتعابه، وهي فترة لالتقاط الأنفاس للعودة مرة أخرى بروح جديدة أكثر تفاؤلاً وعطاءً، وصفاءً، مما يفترض أن تسهم في زيادة إنتاجية المجاز بعد انقضائها.
والإجازة مفهوم مقدس في العديد من البلدان والدول، ففي بعض الدول تعاقب المؤسسة أو الشركة الموظف الذي لايأخذ إجازته، ويظل طوال العام على رأس عمله، وهذا التصرف الذي قد يراه البعض تضحية وحباً للعمل وللمكان كما هي مفاهيمنا، تعرض الموظف للمساءلة القانونية.
في مجتمعاتنا تقتصر الإجازات في فترات معينة، وهي غالباً ما تحدها تقويمات المدارس، فترتبط بإنهاء العيال الامتحانات، واستلامهم للشهادات، وبعدها تحزم الحقائب، فمنهم من يفضل الشرق ومنهم الغرب ومنهم من يتجه شمالاً، وفئة تقسم الإجازة إلى جزءين جزء عائلي، للعيال وأمهم، وآخر للربع والأصدقاء، واتجاهها يكون إما شرقاً، أو غرباً، فيما تقضي فئة القيظ بحره وحرارته في البلاد، فلا طاقة لها بالسفر وأعبائه، ولا بحمل الحقائب، ولا هي من هواة التسوق والسهر والبحث عن الأضواء، ولا من مواصلي الليل بالنهار، فهؤلاء نهارهم نهار، وليلهم ليل، وليسوا كما البعض من لا تغمض جفونهم إلا بعد طلوع الشمس.
وهناك عدة عوامل وظروف تحدد وتؤثر بشكل مباشر في الإجازات السنوية للموظفين، أولها حاجة العمل وإمكانية الخروج في توقيت يجتمع عليه غالبية الموظفين.
ولعل المشاكل التي تواجه الجميع هي زحام الإجازات خلال شهرين أو ثلاثة من العام دون الأشهر الباقية، فتتحول مقار العمل لأماكن مهجورة من الموظفين، ومعها تتكدس الملفات ويتأخر إنجاز المعاملات، إلا من رحم ربي، كما قد يجبرك من هو أكثر منك نفوذاً بالعمل على تعديل إجازتك، وتحديد موعدها، فقد تضع جدولاً جميلاً بديعاً ظللت تخطط وتحلم به، وترسم كل ملامحه الوردية مع العيال وأمهم لكنك تُصدم بأن تُقتبس أفكارك ويُخطب ود موعد إجازتك الوردي، ولا يكون لك خيار غير القبول بتغيير الموعد بصدر رحب وابتسامة قد تكون صفراء.
موسم الإجازات بالدولة بدأ، ولكن لا يفرح من حرموا من الحصول على توقيت مناسب لهم، وظروف مواتية على السفر وتحمل أعبائه، فهناك عدة عوامل وظروف ستجبر العديد منهم على إلغاء برامجهم الصيفية، فغالبية الدول العربية ممن كانت مرتعاً ومقصداً لها ظروفها التي لاتسر، وتبعث بالحسرة والندامة على الأيام والليالي الملاح التي قضوها في تلك المدن التي لم تكن تنام، ومن كان يقصد الشمال فبكتيريا الـ “ايكولاي”، بعثرت ما بعثرت من أوراق السفر الأوروبية، وبات الكل يقول “قيظنا ولا أمراضهم والعياذ بالله”، فلم يبق إلا هواة الشرق وحدهم السعداء هذا الموسم.
مع خالص أمنياتي بقضاء إجازة سعيد وجميلة ولو كانت قصيرة.


m.eisa@alittihad.ae