ينعكس التنوع الثقافي الذي يميز مجتمع الإمارات وتعدد الجنسيات، والانفتاح على كل الحضارات على خيارات الناس وقراراتهم، كقرارات الزواج وتكوين الأسرة والطلاق، فقد أصبح من الملاحظ أن هناك تبدلا فارقا في النظر إلى الآخر والارتباط به، وهو تبدل ليس من السهل حدوثه أو تقبله بالنسبة لمجتمع تحكمه أعراف وذهنية القبيلة وتضبطه التقاليد المتوارثة، وتعتبر المحافظة سمة بارزة تصفه من ألفه إلى الياء.
يعتبر الزواج، من أكثر المسائل جدلاً على الساحة الاجتماعية خاصة بعد أن أثارت قضية الزواجة الثانية والزواج بغير المواطنة الكثير من اللغط مؤخراً.
إن هذا النقاش تحديداً، يفتح الباب للكثير من الاجتهادات والتأويلات والقضايا ذات الصلة، كما أنه يجعل المقارنات مسألة واردة وتبادل الاتهامات مسألة طبيعية بين الرجال والنساء.
إن الانفتاح الثقافي لأبناء الإمارات، قد بدأ باكراً جداً بسبب طبيعة الإمارات اقتصادياً وجغرافياً، ومسألة الزواج بغير مواطني الدولة موجودة ما قبل الاتحاد، لكنها ظلت حقاً حصرياً للرجال فقط، وبعد أن كانت محصورة في دول الجوار الخليجي وبعض دول الإقليم، انفتح الشباب الإماراتي على كل دول العالم، وصارت لدينا أمهات إماراتيات من المكسيك واليابان، فهل أصبح الزواج من غير المواطنة أو غير المواطن خياراً مفضلاً لكلا الجنسين؟
استطلاعات الرأي تقول إن أكثر من 78.3% من المواطنين. و53.6% من المواطنات قد أيدوا الزواج الثاني بإماراتية، وذلك بحسب استطلاع للرأي شمل عينة علميّة، قوامها 598 شخصاً من مواطني الدولة ونشر مؤخراً في صحافتنا المحلية، وجاء في تفسير هذا التأييد أن هؤلاء المؤيدين كانوا يفكرون عمليا في حل جذري لمشكلتَيْن كبيرتين يعاني منهما مجتمع الإمارات: العنوسة والتركيبة السكانية.
في الوقت نفسه فإن 82.3% من المواطنين، و75.2% من المواطنات قد أعربوا عن اعتقادهم أن زواج المواطنين بوافدات هو إحدى نتائج التنوّع السكاني في الإمارات دون أن نعرف إن كان ذلك يعبر عن رفض لهذا الزواج أم أنه إقرار به كظاهرة واقعية ما عاد بالإمكان التصدي لها بسبب هذا التنوع الثقافي الحاصل في المجتمع، لكن الأمر حين تعلق بزواج السيدات الإماراتيات فقد اعتبر 70.6% من المواطنين، و66.9% من المواطنات أن زواج الإماراتيات بوافدين ينعكس سلباً على حلول مشكلات التركيبة السكانية، وهي نتيجة تحمل درجة من التناقض أو الكيل بمكيالين لقضية واحدة ذات أبعاد وتأثيرات واحدة في الحالتين.
إن إقبال الإماراتيين على الزواج بغير إماراتيات يجد معارضة شديدة داخل المجتمع وبين الأسر والعائلات والنساء الإماراتيات لأنهن يعتبرنه تقليلا من فرص زواج الإماراتيات وتفاقم ظاهرة العنوسة بينهن، خاصة بعد أن أظهر تقرير رسمي أصدره المركز الوطني للإحصاء في أبوظبي، في مارس الماضي، أنه تم إبرام 1798 عقد زواج بين مواطن وغير مواطنة، خلال العام الماضي، تشكل نحو 20% من عقود زواج المواطنين في الدولة، خلال العام نفسه.
هنا تثار أسئلة كثيرة تحتاج لأن نطرحها بوضوح وشفافية خاصة بعد أن أظهرت إحصاءات رسمية أن حالات الطلاق بين الأزواج المواطنين أكثر منها إذا كانت الزوجة غير مواطنة، وهنا نعتقد أن هذه النسب لا يمكن اعتمادها كمسلمات فهناك حالات طلاق لا حصر لها بين كل الجنسيات، ما يجعل ظاهرة الطلاق تحتاج لبحوث ودراسات سيسيولوجية أكثر عمقاً.


ayya-222@hotmail.com