أزعجتني كثيراً مجموعة أفلام فيديو رفعها أصحابها على موقع يوتيوب تظهر رعونتهم وتحديهم لأنظمة المرور في شوارع أبوظبي، وأزعجني أكثر أن هذه الأفلام وضعها مقيمون في الإمارات يتباهون بخرقهم لقانون المرور والسير بالسرعة القصوى وتحدي الرادارات، وهو سلوك مرفوض وغير حضاري . لفترة طويلة جداً، وربما إلى يومنا الحالي شاعت نظرة معينة تؤكد أن المواطنين فقط هم من يخترقون قوانين المرور، وأن الشباب الإماراتيين هم وحدهم من يقودون سيارتهم بطيش، وأن “سواقتهم تخوف” . ومع أننا نعلم أن هناك ملايين السيارات التي تسير على شوارع الدولة كل نهار، وأن المواطنين كلهم من شباب وشيبة، أطفال ونساء لم يصلوا بعد للمليون شخص إلا أننا ظللنا نحمل هذه النظرة، وكأن وراء كل حادث .. مواطن. الفيدوهات الموجودة تظهر رعونة مستعملي الطريق، والمشكلة أنهم يتعمدون القيادة بطيش ومسابقة أشعة الرادار وتصوير عدادات السيارة وهي تسير بالسرعة القصوى “ريس كامل”، لعرضها على أصحابهم في بلدانهم! ترى ما هو مصير السيارات المارة إذا ما فقد السائق الذي كان يصور الشارع ومؤشر السرعة ووجهه أيضا -ليثبت بطولته- السيطرة على سيارته و”شاحت” وهي تسير على سرعة 220 كيلومترا؟ كم ضحية يا ترى ستقع نتيجة تباهي الشاب ببطولته على شارع أبوظبي دبي! الغريب أن السلوك شائع جداً، فعدد الأفلام التي صورت شباباً مقيمين يثير الاستغراب، والأغرب أن هناك فئة من الآسيويين والأجانب دخلت على خط الاستعراض. النظام المروري في الدولة صارم جداً، والقوانين الموضوعة تضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه العبث بأرواح الناس على الطرقات أياً كانت جنسيته، وهؤلاء يدركون هذه الحقيقة، لكنها ليست مهمة في نظرهم، ولا يدركون مدى الخطر الذي يسببونه. في الإمارات، القانون يسري على الجميع، أياً كان شخصه وأياً كانت جنسيته، ويفترض من الجميع مواطنين ووافدين احترام قوانين البلاد والعمل بها، فالمواطن يحمل مسؤولية أن احترام القانون دليل وطنية ومسؤولية تقع على عاتقه قبل غيره، وعلى الوافد أن يوافق على الأنظمة والقوانين التي تحكم الشارع والمجتمع والدولة ما دام مقيماً بها، لكن أن يتباهى شخص بخرقه لأنظمة دولة تستضيفه فهذا هو ما يثير الحنق حقاً. إن احترام القانون فرض واجب على كل من يعيش على أرض الدولة، وتحديه أو العبث به هو نوع من عدم المسؤوولية يكلف صاحبه غالياً، سواء كان هذا القانون مرورياً أو نظامياً، وبالطبع لن تتوانى الجهات المعنية لحظة في إيقاف كل مستهتر عند حده، وساعتها لن ينفع الندم.