أحد ركائز التوطين والاهتمام بالكفاءات المواطنة ودعمها والدفع بها إلى سوق العمل وإعطائها الفرصة والأولوية والخبرة التي تتسلح بها لمواجهة سوق الدولة المفتوحة والمحاور التي يجب الاهتمام بها، هو توطين الوظائف الحكومية، الاتحادية منها والمحلية، باعتبارها المحطة الأهم والحلقة الأكثر أهمية وجاذبية للمواطن الذي يتوق للعمل بمؤسسة أو دائرة محلية بدلاً من القطاع الخاص، وكلنا يعرف السبب، ولا يمكن المزايدة فيه، أو استغراب تصرفه أو إنكار حرصه ومحاولاته للعمل بالقطاع الحكومي، وذلك لسبب وجيه، وهو المزايا والرواتب والحوافز التي يتقاضاها المواطن من هذا القطاع مقارنة بما سيحصل عليه لو اختار العمل بالقطاع الخاص، ناهيك عن الضمان والاستقرار اللذين يحصل عليهما الموظف في القطاع الحكومي.
إذن، إذا ما أردنا علاج مشكلة الباحثين عن عمل، ولن أقول البطالة، بين المواطنين، وإيجاد حلول جذرية وعملية ومنطقية في الوقت نفسه، يجب التركيز والاهتمام بالقطاع الحكومي، والبحث عن شواغر لهؤلاء المواطنين الذين يجوبون الشوارع بشهاداتهم، ودرجاتهم العلمية التي حصلوا عليها من الداخل والخارج، وتكبدوا إزاءها عناء الدراسة والسهر والبحث، فمنهم من تغرب عن وطنه وأهله وعاش بالخارج سنوات عديدة ليجد نفسه تائهاً بعد كل ذلك، لا يجد في بلده وظيفة تؤمن له مستقبله ولقمة عيشه، وتضمن له الاستقرار ومواصلة الحياة بشكل اعتيادي، لكنه يفاجأ بأن الخطة لا تسير وفق ما يشتهي، فبعد أن أنهى مرحلة مهمة في حياة الإنسان وهي الدراسة، توقفت عند محطة البحث عن وظيفة، ومعها يتوقف دوره بالحياة، ومساهمته في دفع عجلة التنمية والبناء والنماء التي تعيشها الدولة ويفخر كل مواطن بالمساهمة فيها. وحتى أولئك الذين لم يكملوا دراستهم العليا ولظروف ما تركوا مقاعد الدراسة وتوقفوا عند حد معين فيها، يجب أن يحظوا بفرص العيش الكريم، والحياة المستقرة والتي لا تؤمن إلا بالوظيفة والعمل وانتشال الباحث عن عمل من مستنقع البطالة الذي قد يهوي به إلى الحضيض وأسفل السافلين، والعياذ بالله.
إن قيادتنا الرشيدة تولي المواطن اهتماماً بالغاً وتضعه في مقدمة برامج التنمية والتطوير، وتعكس توجيهات رئيس الدولة ذلك جلياً، بالاهتمام بتطوير وتأهيل وتشغيل المواطن أينما كان، ومن ثمرة تلك التوجيهات ورشة العمل التي نتج عنها تأهيل ما يقارب ستة آلاف مواطن، وجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان جميع الدوائر والمؤسسات والشركات المملوكة للحكومة بتعيينهم فوراً. وعلى المستوى الاتحادي، وجه المجلس الوزاري للخدمات برئاسة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان بتفعيل عملية التوطين في الوزارات والجهات الاتحادية.
إن تلك الخطط والتوجيهات تعكس حرص القيادة لحل قضية الباحثين عن عمل، وإيجاد سبل العيش الكريم لهم، وإننا على ثقة تامة بأن تلك البرامج لو طبقت سنخطو الخطوة الأولى لحل مشكلة الباحثين عن عمل.


m.eisa@alittihad.ae