بالرغم من كل التمجيد الذي تلقاه التكنولوجيا في استخداماتها المختلفة والكثيرة، وبالرغم من مساحات الحرية والمعرفة والتواصل الذي منحته هذه التكنولوجيا للإعلام والإعلاميين، الذين وجدوا في ثورة الإنترنت مجالا واسعا للمعرفة والتواصل والاطلاع، إلا أن للحقيقة أكثر من وجه دائما، وأحد الأوجه السيئة للإنترنت أو تكنولوجيا الاتصال بشكل عام، هو هذه القدرة الفائقة على التفلت من الملاحقة والضبط القانوني، على اعتبار أن الشبكة فضاء هلامي واسع ومتمدد وافتراضي في أكثره، وهو مستغل على جميع الأوجه وبكافة الطرق، السيئة والجيدة معا.
إن الإشارة الكبيرة والتقليدية التي ترسلها اتصالات إلى كل مستخدمي نطاقها وخدمتها، والتي حفظها كل متابعي الشبكة: “هذا الموقع محظور” تدل بشكل لا لبس فيه على أن الشخص الذي وجهت إليه الرسالة قد اخترق أحد المحظورات المعروفة، أو ذهب يبحث عن مواقع سيئة السمعة، والأهم هو أن “اتصالات” قد تمكنت من محاصرة ملايين المواقع السيئة على الشبكة العالمية، طالما أن المستخدم يتعاطى مع خدمة الشركة في النطاق الجغرافي لدولة الإمارات، ومع ذلك فـ”اتصالات” تحظر أحيانا وبطريقة آلية مواقع لا علاقة لها بالمحاذير المعروفة ، في حين أن هناك مواقع تسيء لنا كدولة وكأفراد وبشكل فادح، لكنها لا تجد من يحظرها أو يتصدى لها.
من الظواهر التي باتت شائعة على شبكة الإنترنت وبشكل مسيء ومنفر، هو تلك الإعلانات التي نجدها على بعض المواقع السياحية والتجارية وغير التجارية حول وجود فتيات إماراتيات يرغبن في التعارف والصداقة مع الشباب من أي جنسية، هذا الإعلان قرأته على أحد المواقع وقد استفزني بالفعل، وحين دخلت لمعرفة التفاصيل عرفت أن الأمر يتعلق بفتيات من جنسيات مختلفة يعشن على أرض الإمارات ويمارسن الرذيلة ويقمن بالترويج لأنفسهن عبر الشبكة، فيستخدمن صفة فتيات إماراتيات ظلما وجورا أو قد يلجأ الموقع أو وكالة الإعلان لهذه الخدعة لغايات دعائية خبيثة.
وأيا ما كانت النية التي تقف وراء هذا التوظيف السيئ والمشوه، فإن هذه الإعلانات لا تسيء إلى فتيات الإمارات، ولكنها تسيء إلى بلد بأكمله ومجتمع بكل منظومته الأخلاقية والاجتماعية والثقافية وبدون وجه حق ، وهي إساءة تستحق التوقف والبحث والتقصي، لأنها من الإساءات التي تكلفنا الكثير وتستحق منا الكثير من الجهد، وأظن الجهد ليس مقصورا على “اتصالات” فقط، وإنما على كل رجال القانون وحاملي تراخيص ممارسة مهنة المحاماة، فالأمر يتعلق بشرف مجتمع بكامله.
أعتقد أن مهمة “اتصالات” أو “دو” يمكن أن تأخذ نطاقا أكثر فاعلية لو أنها كلفت فرق العمل الفنية لديها من مراقبة هذا النوع من الإعلانات الخبيثة، وإن أراد أي شخص أن يعلن عن نفسه في أي موقع خارج الدولة ليمارس أي مهنة فهو حر، لكن ليس من حقه أن يمس سمعة بلد بدون وجه حق، منتحلا هذه الصفة الشخصية وبهذه الوقاحة المطلقة، خاصة أن المعنيين بالإعلان لا يمتون للبلد ولا لأبنائه وبناته، سوى أنهم يقيمون على أرضه، وهنا يمكن أن نستخدم حقنا في ملاحقة هؤلاء المعلنات أيضا بتهمة الإساءة الكبرى للبلد.



ayya-222@hotmail.com