الدراسات والفحوص الطبية تقول إن نسبة عالية من البشر يعانون من الإصابة بمرض السكري، وذلك لأسباب عدة أهمها تغير عادات الأكل، وانعدام الحركة نتيجة للتطور التكنولوجي الذي أقعد الناس ولم يحركهم. والبشرى تأتي من أميركا الشمالية حيث كشف بحثان علميان أن الإكثار من تناول الأسماك وبخاصة السلمون يقلل من الإصابة بمرض السكري من النوع رقم 2، هذه الأسماك التي تتوافر فيها كميات كبيرة من أحماض “أوميجا 3”.
ولكن من سيسعد أكثر وتنفرج أسارير وجوههم هم صيادو الأسماك الذين لن يسمعوا هذا الخبر حتى يرفعوا من درجة حرارة الأسعار، والتي هي ملتهبة طبيعياً في أغلب أيام السنة، لأن المرضى الذين سيقرأون خبر الاستفادة من سمك السلمون بالذات، سوف يتهافتون ويهرولون باتجاه أسواق السمك، بحثاً عن عين سمكة تقضي على هذا المرض الفتاك الذي لا يترك عيناً في إنسان ولا كلية أو قلباً إلا وينهشها والعياذ بالله. وأعتقد أن مصانع التونة لن تدخر وسعاً في بذل طاقتها القصوى لإنتاج المزيد من هذه البضاعة المربحة، والتي سوف لن يتوافد عليها فقط الفطار في رمضان، وإنما مرضى السكر وقد يجدون فيها ضالتهم. واللافت حقيقة أن انتشار هذا المرض الخبيث في جميع أصقاع العالم بدأ مع تخلي الناس عن الغذاء الطبيعي ولجوئهم إلى الأكلات السريعة، والتي تمتلئ بالدهون والدهون المكربنة لتكرار غليها دون رقابة صحيحة وواعية، لذلك فإن الفائدة من هذه الدراسة ليست للمرضى فحسب وإنما للأطفال، هؤلاء الذين صاروا يشمئزون من رائحة السمك ويشعرون بالضيق عندما تناديهم الأمهات لتناول وجبة منه على الأقل في الأسبوع، والذين صارت الأكلات الملفوفة بالورق أشهى وأحلى بالنسبة لهم، يتشممون رائحتها كأنها المسك والعنبر، لأنهم اعتادوا عليها وصارت جزءاً من نسيج أجسادهم بحيث لا يستطيعون الاستغناء عنها، حتى ولو باتوا على “شحمة بطونهم” كما يقولون، ولا يستبدلونها بطعام من الذي يتناوله الآباء، وقد نهضت أصلاب أجدادهم عليه. نسأل الله العافية لكل مصاب بمرض العصر، ونتمنى على الجيل الجديد أن يتنازل قليلاً ويمد يده إلى صينية الأرز ويقطف ولو جزءاً يسيراً من عروق السمك، لعل وعسى يغيرون من رأيهم، ويستبدلون العادات السيئة بما يفيد ويشفي ويحمي أجسادهم من علل لا شفاء منها، وقد أعيت الأمراض السكرية أعرق المستوصفات لأنها أمراض جاءت هكذا عناداً وتزمتاً، ضد الذين غيروا من العادة واستراحت أجسادهم من الحركة لكنها لم تسترح من المرض.


marafea@emi.ae