أيها الزمرد الكوني الذائب في سر الماء و في جسدي.. من ذوبك؟! أي لهب عارم صبك في بوتقة سرية وصهرك، ألقى بك فتنة على هذه الأرض، تنساب رقة آسرة حيناً، وحيناً يضج بك العصف، أكانت اليابسة قبلك موحشة ووشاحها الموت؟ أم كانت امرأة فاتنة يلفها جفاف، وفي رحمها توق للخصب؟ أي سر سررت به إليها أنت الذي كنت زمرداً تائهاً في ضلالة الكون، حتى اختبلتَ ومسكَ العشق وذوبك اللهب المبارك فكنت بعلها، وكنت أسير تضاريس الجسد المجدول بالغواية والخصب، وفي رعشة الشوق قبلت أطرافها في لقاء أبدي واسترسلت في النشيج. استولدتها الأخضر والفراشات والنهر والعنقود. وحين تنأى بمائك يلفها الذبول. أي سحر في كيميائك يلد الحياة وأي توق في خفائك يحتفي بالموت؟ أنت الذي إن شئت كنا طراوة الغصن، وإن شئت كنا حطب الحرائق. الماء بعض كنهك، وبعض قدرتك أن يرجع الماء طواعية إليك. ما الغيم، ما المطر، ما الزهر، إلا أنت.. وأنت سادر في تيهك وفي نشيجك الأبدي. آسر كأنك القدرة الغامضة وراء الطيف والعطر.. أسير كأنك القطرة في توحدها ويتمها واستدارتها. نشربك وتظل من حرقة الملح ارواحنا عطشى. الموت أنت، وأنت شهوة الإبحار، لذة الخطر واحتفاء الحياة، فأي النقائض تحتويك؟.. وأي مبتدأ يحيط بأسرارك، ومنتهى إليه تعود؟ أسراك نحن، ورهن مائك، إذ ننسل منك نعود طائعين وإذ نخشاك ننتفض شوقاً إليك.. في روحنا وله بموجك ومتاهاتك، وفي أعضائنا رعشة الموت المرتقب.. شبيهك العشق في دمنا، وغرقاه نحن كأننا غرقاك. كأنما العشق إذ يسري في أجسادنا نطفة منك، وحين يفتق مباهج الروح والقلب والجسد ندرك أي نشوة ترج كوامنك. كمنا لك بالمكائد، وألقينا عليك شباك اللغة كي نقودك كسمكة إلى مصائد السكون، لكنك النافر العصي اللامتناهي سخرت وارتد موجك ضاحكاً كما يضحك الشيخ مسروراً من لهو أحفاده وحماقاتهم. أسكنت جوهرك الفريد المتعالي في كل حرف ونبرة للحرف. لأنك البهاء والحب والرحيل، سميناك (ب/ ح/ ر) وحين ننطق اسمك نفتتح الـ (ب) بهاء مبتهجين.. وإذ نسكن الـ(ح) حب ونستكين.. يراوغنا الـ(ر) رحيل مستقبلاً أحوالنا: ننصبه منارة، ونجره خشية، ونضمه حلماً بديلاً. ??? مفتونة بك.. هائمة كأنني الأكوان في سديمها الأول. أكاد أسمع نأمة الموج ورفيف أجنحة النوارس وخفق مائك إذا هدأت. سرير نشوتي أنت. وأنت أرجوحتي الأولى، وحضن أمي إذا تعبت، وبيتي إذا شردت.. لكن عصفي شبيهك يا محيط إذا احتدمت. أمس ولجت ضوءك، ملحك، غموض التجاعيد الرهيفة في بعيدك.. واحترت كيف أفسرك. تركت لك السر والسحر والغموض ولي رعشة الدهشة واشتعال الذهول. ??? أخط على رمل السنين مدارجي فلا الرمل يحفظني ولا البحر يذكر كأن سنين العمر غفوة حالم يمد بها موجٌ، وموجٌ سيجزر! hamdahkhamis@yahoo.com