ذات مرة حللت بفندق في الغرب الأميركي، ويوم مغادرتي رفض موظف الاستقبال سداد كلفة إقامتي نقداً، وأصر على تسويتها بالبطاقة الائتمانية، وقبل أن تذهب بي الظنون بعيداً، من جراء قصص استغلال بعض العصابات لهذه البطاقات، قال الموظف إن إدارة الفندق تشجع النزلاء، وكذلك الموظفين اعتماد التعامل بالبطاقات، لأنها توفر عليهم الكثير من الوقت، والأهم من ذلك الأمن الذي يشعر به الجميع لعدم حمل كميات من النقد، كما يقول.
عندنا اصطدمت جهود تشجيع استخدام الأموال البلاستيكية بجشع شريحة واسعة من التجار، وبالذات أصحاب محال بيع التجزئة الذين كانوا - ولا يزالون - يفرضون رسوماً إضافية على استخدام البطاقات الائتمانية لسداد المشتريات، بل إن بعضهم يلجأ لأسلوب غير قانوني برفع سعر سلعته عندما يعرف بأن الدفع سيكون بالبطاقة، وعلى الرغم من عدم قانونية مثل هذه الممارسات، وما تمثله من استغلال للمستهلك، إلا أن الصمت كان سيد الموقف من جهات الاختصاص، التي دعوناها أكثر من مرة عبر هذه الزاوية، إلى التدخل من أجل وضع حد لمثل هذه الممارسات التي تفتقر لأبسط القواعد المتعارف عليها في التعاملات المالية.
لقد كانت نظرة شرائح واسعة من تجار التجزئة وأصحاب المحال التجارية للذي يحاول أن يدفع ببطاقته الائتمانية على أنه شخص مفلس، لا يملك السيولة الكافية لتدبير أموره المعيشية، وبالتالي يلجأ لهذا الأسلوب في السداد، ولا يستوعب البعض أن الأموال البلاستيكية أو طرق السداد بالبطاقات أصبحتا نهجاً ومسلكاً في أوروبا والولايات المتحدة على وجه الخصوص لمساعدة الفرد على تنظيم حياته المالية، وتحديد مصروفاته والتحكم فيها، والمصارف هناك تساعد الأفراد على المضي في هذا الاتجاه، اتجاه مساعدة الفرد على تنظيم أموره المالية، بعكس ما نراه من أغلب المصارف عندنا، والتي تغرق المتعامل معها بما تعتبره تسهيلات، وهي تدرك بأن من بين هؤلاء من يسيء استخدام تلك التسهيلات المغرية، ليجد نفسه في حالة مالية بائسة جراء عدم قدرته على التمييز بين التسهيلات الموضوعة تحت تصرفه ودخله الحقيقي، الأمر الذي يتسبب في الأخير بتعثر العميل المعني بالأمر عن سداد ما عليه من التزامات، وسجلات المحاكم تحفل بالكثير من القضايا.
واليوم نستقبل بكل حماس وتفاعل القرار الذي توصلت إليه اللجنة العليا لحماية المستهلك في اجتماعها الأخير برئاسة وزير الاقتصاد، بمنع التجار من فرض رسوم إضافية أو عمولة على استخدام المستهلك لبطاقة الائتمان عند سداد قيمة مشترياته، وذلك اعتباراً من مطلع الشهر المقبل. وقد أوضحت اللجنة أنها مهدت للقرار بعقد اجتماعات مع البنوك والمصرف المركزي، لتفعيل بنود العقود المبرمة بين التجار وتلك المصارف، والتي تقضي بعدم اقتطاع أو إضافة أي مبالغ على المستهلك الذي يقوم بالدفع عن طريق البطاقة الائتمانية. لذلك فالقرار يعد نقطة تحول على البنوك الاستفادة منها، لإعادة الاعتبار للبطاقات الائتمانية، بتنظيم إصدارها، بعيداً عن أساليب الإغراق السابقة لتعزيز بيئة الأموال البلاستيكية بما يخدم صالح كل الأطراف.


ali.alamodi@admedia.ae