يبدو أن المقولة الأثرية التي ما لبثت الأمهات تزرعنها في عقول البنات: “الريل على ما تعودينه والولد على ما تربينه”، فقدت مفعولها وقوتها وقيمتها هذه الأيام، فلا تعويد المرأة لزوجها، ولا تربيتها لطفلها ستصنع منه رجلاً حقيقياً بمقاييس شباب هذا الزمن. للأٍسف الشديد معظم (والمعظم كلمة تدل على ما يزيد عن النصف بقليل) أزواج هذا الوقت– خاصة الاماراتيون منهم- صاروا تربية “ربعهم” وأصدقائهم، ولم يعد لتربية والديهم أو نصائح زوجاتهم دورا كبيرا في صنع شخصيتهم بعد الزواج. في سنوات الطيش والمراهقة يصبح الفتى الإماراتي فريسة لأصحابه الذين يعلمونه عادة أصول “المغازل” وتقنياته، تدخين “الشيشة” و”المدواخ” وتوابع أخرى، وبالتأكيد أن لا يكون “سكان حرمته” بمعنى أن لا يسمع لزوجته رأياً، وأن لا يقيم لها وزناً. معظم الشباب الاماراتيين يتزوجون لمجرد إرضاء الوالدة، بعروس يضعون لها المواصفات الجمالية فقط، تاركين باقي المواصفات الخلقية للأم، ومن يتفذلك فيهم يشترط أشياء من مثل ( لا تقود سيارة، لا تعمل، لا تريد الدراسة) طبعا هذه مواصفات شبان لم ينضجوا كثيرا، لكنها أيضا مستقاة من الأصدقاء الذين يؤكدون لهم وبقوة أن قيادة الفتاة للسيارة وعملها ودراستها يجعلانها ذات شخصية قيادية تؤثر على شخصية الشاب “المنقادة “ لأصدقائه، وبالتالي يصعب أن يستمر منخرطا معهم في شلة الفساد. بعد الزواج يسلم الزوج مقاليد الحياة لزوجته، ولفترة من الوقت يفرض عليها ممنوعات كثيرة، بما يضمن أن “يخنق” رأيها، وأن يستمر عازبا لأطول فترة ممكنة، ولا مانع في هذه الفترة من أن يلبي أشقاء الزوجة ووالدها طلباتها المختلفة، أو أن تلجأ للخروج مع سائق المنزل لقضاء مشاويرها، أو حتى أن تتغاضى عن كل شيء لتكسب رضى زوج يمنع عنها كل شيء. بعدها يأتي الصغار لتصبح المسؤولية حقيقية، ويراها الزوج العازب مصيبة، لا يمكنه تحملها كثيرا، ليسمح لها بأن تقود السيارة والأسرة، فهي من يتبضع للمنزل من السوبرماركت، وهي من يتفاهم مع المزارع والسائق و”البشاكير”، هي أيضا من يجدد السيارات المنتهية، ومن يقدم طلب “البيت الشعبي” ومن يصطحب الأولاد إلى الحلاق، ومن يحضرهم من المدرسة، وينزههم في الحدائق أو مراكز الألعاب، وهي من يؤدي كل المهام الأسرية الأخرى! الزوج يصبح صديق أصدقاءه الصدوق، يخرج معم ليتمشى، يسافر معهم براً وجواً وربما بحراً أيضاً، يسهر معهم في المقهى، ويسامرهم أمام قناة “قير 1” يعيش حياة العزوبية وكأنه مازال صبياً بلا مسؤوليات. المرأة “السوبرومن” صارت موجودة بكثرة حولنا، تدفع إيجار المنزل من راتبها، وتشتري ملابس صغارها، طعامهم ومتعلقاتها المختلفة، وتعطي زوجها أيضا في آخر الشهر مصروفه بعد أن ضاع راتبه على قسط السيارة الفارهة وجلسات “ربعه” في المقاهي، تصبر على زوج لا مبال، وتنتظر معجزة تجعله يهتم ببيته كأهم مسؤولية يرعاها وأهم استثمار يعيشه.