“الشعب يريد إسقاط النظام”، لو قيض للراحل ياسر عرفات أن يعيش هذا الربيع العربي وتصدعاته، ويسمع تلك العبارة، بعد ما عاش التناقضات العربية، واعتاش عليها، وبعد ما أنهكته التناقضات الفلسطينية، ولعب عليها، ورأى من حوله أصدقاءه الرؤساء يتساقطون واحداً تلو الآخر، هل ينصح ويطبخ؟ أم يسخر رحلاته المكوكية لتفادي الضرر على الفلسطينيين كما كان يفعل دائماً، ترى كيف ستكون ردة فعل الاختيار إذا ما طلب منه الشعب الفلسطيني أن يتنحى عن السلطة، قد تزيد رجفة الشفة رجفة، وقد تختلط الكلمات في فمه متسارعة ومتعاركة، وقد يلوذ بالصمت الأبدي، وتنزل دمعة حقيقية من العين غير ماكرة، وهو يبكي التاريخ، وقد يكون قادراً أن يخرج منها بحيله المخادعة، وسياساته الباردة، وقُبَله الحارة، كما كان يفعل دائماً، لكن إن أصر الشعب الفلسطيني واتحد لأول مرة ضد زعيمه وقائده النضالي مطالباً بالرحيل، أعتقد أنه سيذعن لكلمة الشعب، ويترك الحكم، ويعيش الشتات العربي من مدينة إلى أخرى مثلما عاشها طوال حياته النضالية، وكما كان يفعل دائماً.
• بعض الأنظمة العربية تتمنى لو كل أيام الأسبوع كالاثنين، خال من الصداع الوطني، والمطالبات الشعبية، والنزول إلى جحيم الشارع، وباتت تكره يوم الجمعة لأنه يوم الشهداء، ويوم نشدان الحرية والكرامة الإنسانية، وتلك الأمور تزلزلها، وتجعلها تكثر من الدعاء غير المستجاب، بأن ينزل الغيث والمطر على البلاد والعباد لكي لا يظهر الناس من بيوتهم غير الآمنة، ويدوم على عسكر الدولة وجندها البواسل وموظفيها الجوارح السكينة ذاك اليوم، لأنه عندها بمقدار ألف سنة، مما يعدّون.
• كانت فرصة ذهبية لفرق المطافئ والدفاع المدني لو أجريت تمارينها هذا العام، وأخرجت صنابيرها ومدافعها المائية، وجربت ترش الشعب الثائر، وتخفف من حماسه الزائد، وتلطف جوه المشتعل، أقول كانت فرصة ذهبية لا تعوض لا على الدفاع المدني، وفرق الإطفائيات وحسب، بل وعلى الحكومات التي ما برحت تذبح في الناس، وكأنهم ليسوا من مواطنيها الكرام، أو من شعبها العزيز، كما كان يقول الزعيم في فترات الرخاء، وهو يخاطبهم في أعياد الجلاء والعمال والشهداء والفلاحين، وعيد العلم وعيد استعادة النخوة العربية وغيرها من الأعياد التي تزدان فيها الشوارع بصور الزعيم، وتظل الإذاعة الوطنية “الخربانة” تكح بالأناشيد الوطنية “المضروبة”. أتساءل كيف لم تنهج الحكومات منهجاً ودياً مائياً، وقائياً، إطفائياً حيال أبنائها المطالبين بحقوقهم الوطنية بسلام، بصراحة.. مش معقول ما يجري في بعض البلدان يخرجون للشعب وفي أيديهم بنادق تشيكية ورشاشات روسية، وهذه ما فيها لعب، خلقت للقتل، والقتل الشنيع.

amood8@yahoo.com