قد نواجه في حياتنا مصائب وبلاء في ديننا أو دنيانا، تعجزنا أحيانا وترهقنا أحيانا أخرى، وقد تتشابه المشاكل وتترادف فيما بيننا، ولكن ما يجعلها مختلفة، هو كيفية التعامل معها واجتيازها بأقل الخسائر والاستفادة منها بقدر الإمكان.. والحاصل في وقتنا الحاضر أن أغلبنا قد لا يتقبل المشكلة بعقل وحكمة ويتعامل معها وكأنها نهاية المطاف فيقف عاجزاً أمامها ومنهاراً فلا يحرك ساكناً، إيماناً منه بصعوبة الحل واستحالته، والمؤلم أيضا في المسألة ليس فقط عجز البعض أمام حل المشكلة بل يصل الأمر إلى ارتكاب الأخطاء والمعاصي لنسيان مشاكلهم ولو للفترة بسيطة، بعكس الآخرين ممن قد يبتليهم الله في مالهم أو أبنائهم أو حلالهم أو غير ذلك، فيواجهون الابتلاء بحمد من الله وبصبر وباحتساب ويعملون جاهدين للاستمرار في الحياة دون توقف، ملقين وراء ظهورهم ما مضى ومستعدين لما هو آت، فلا يرضخون لمصائبهم بالعويل على ما فات، مستحضرين حديث رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ»؛ ومقتدين بصبر سيدنا أيوب عليه السلام وصبره على بلائه، حيث رزقه الله تعالى مالاً كثيراً وأولاداً ثم ابتلاه الله في جسده وفي ماله وفي أولاده ففقد أمواله الكثيرة وسلّط الله على أولاده البلاء فماتوا وسلّط الله البلاء على جسده ثمانية عشر عاماً حتى جافاه القريب والبعيد، فلم يسخط بكلمة ولم يتوقف عن الاستغفار والعبادة، وفي مرة قال رجلان للآخر إن أيوب أذنب ذنباً ما أذنبه أحد، لذلك لم يرفع الله عنه هذا البلاء، فأُخبر أيوب بذلك، فقال الله إخباراً عن أيوب عليه السلام «أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ»، فواجه مصيبته بالصبر وسلّم لله تسليماً وما اعترض على الله. وذات يوم خرج لقضاء الحاجة وكان له امرأة بقيت معه تخدمه وصبرت معه وما جَفَتْه ولا ابتعدت عنه طيلة هذه المدة، وكانت تأخذه في العادة بعدما كان يقضي حاجته إلى البيت فأبطأ عليها، وأوحى الله إليه أن يضرب برجله الأرض، فركل الأرض برجله فنبع له ماءٌ فأوحى الله إليه بأنه مغتسل بارد وشراب، فاغتسل وشرب منه، فعاد كما كان ثم أقبل يمشي فلقيته امرأته فلم تعرفه، قالت: هل رأيت نبي الله أيوب هذا المبتلى وقد كان أشبه الناس بك حين كان صحيحاً، فقال: أنا هو. ثم أمطر الله تبارك وتعالى له سحابتين سحابة أفرغت ذهباً فصار عنده بيدر ذهب، وسحابة أفرغت له فضة فصار عنده بيدر فضة، ورزقه الله تعالى بعد ذلك من الأولاد مثل أولاده وزيادة عن عددهم. Maary191@hotmail.com