التوطين في القطاع الخاص، يشكل معضلة أمام طالب العمل في هذا القطاع، وأمام الحكومة، ولا تنحصر المشكلة في القطاع الخاص، الذي لا يوفر الإمكانات الوظيفية من رواتب وأجواء عمل كما هو في الحكومة، بل إن المشكلة يشترك فيها أيضاً خريجو الجامعات، الذين لديهم حكم مسبق بشأن القطاع الخاص ما يجعلهم يفرون وينفرون، ويستنفرون جل قواهم، من أجل الهبوط عند مدارج القطاع الحكومي، لأنهم يجدون فيه الأمان الوظيفي، والبيئة المناسبة لاهتماماتهم، والرواتب العالية التي تصل إلى الضعف أو أكثر مما هو متاح في القطاع الخاص، وأمام هذه المشكلة، لابد من تدخل سريع وجاد، في التوجيه وترتيب مشاعر طلاب العمل، بحيث يتخلصون من كوابيس الخوف في مجالات العمل المختلفة في القطاع الخاص، وتحفيزهم لاقتحام هذا الصرح بأسواره العالية، ثم الضغط على مؤسسات القطاع الخاص، لتوفر الأجواء المناسبة وتهيئ بيئات العمل الملائمة، والنأي عن فرض الشروط التعجيزية على كل طالب عمل، فعندما تعلن جهة عمل خاصة، عن حاجتها إلى موظفين في مجال معين، وأهم شرط أن تتوافر لديه خبرة 10 سنوات بطبيعة الحال لن تجد في خريج جامعة، لم يزل عند أبواب الحياة العملية.. ومن الشروط كذلك، الدوام الرسمي الذي يتجاوز الـ 8 ساعات الرسمية، برواتب لا تكاد تجزي ولا تنفع، لموظف يريد أن يرتب شؤونه وشجونه، ويستعد لدخول معترك حياة أسرية تتطلب منه قدرات مالية تفي بالحاجة. لا نريد أن نرفع العذر عن بعض طالبي الوظائف، ولكن هناك معوقات تزرعها بعض المؤسسة بغرض التخلص من الأعباء، والتخلص من التزاماتها الوطنية، من إلقاء اللوم على المواطن أنه لا يريد أن يعمل، وأنه دائماً يبحث عن الوظائف السهلة ذات الرواتب العالية، هذا ليس صحيحاً، قد يكون لديه القلة، ولكن الأكثرية من شبابنا جادون، مهتمون، ملتزمون، ولا يريدون غير إتاحة الفرص، وفتح المجالات لقدراتهم الهائلة لكي تتفجر وينتج عنها نجاح باهر في جميع ميادين العمل، شبابنا الآن صاروا يقتحمون مجالات مختلفة، ويتوجهون إلى تخصصات دقيقة، يريدون أن يحققوا ذاتهم، ويؤكدوا أنهم جديرون بالتقدير والاحترام. كل ما يريدونه فقط، ألا توصد الأبواب في وجوههم، وألا يقال لهم “ما في شاغر”.. والقطاع الخاص الذي نهل كثيراً من خدمات البلد، وما قدم له من إمكانات سهَّلت ويسَّرت طريقه للنجاح، مُطالب اليوم بأن يرد شيئاً من الجميل، وأن يتحرر من عقدة اللا شاغر، وأن يضع يده بين القطاع الحكومي من أجل النهوض بالبلد، ومستقبل الإمارات أكبر وأهم من كل الأعذار والاعتذارات الخاصة. علي أبو الريش | marafea@emi.ae