حتى 40 عاماً مضت كان الإماراتيون وكل أبناء الخليج يستخدمون «التنور» والأدوات البسيطة لإشعال النار واستخدامها في الطبخ، يومها لم نعرف شيئاً اسمه غاز وكل الأمهات كن يعتمدن الطريقة التقليدية لإشعال التنور بالحطب وما تطاله أيديهن من البيئة المحلية من النار لتجهيز وجبة غداء وما أحلاها من طعم ومذاق. ورغم التطور المذهل الذي أصاب الإنسان الحديث من تقدم في أدوات الطبخ وفنونه في أصول الطهي وغيرها من الأدوات المساعدة، إلا أنها لم تصل إلى مذاق أكل تصنعه الأمهات والجدات، وظلت مأكولاتنا التقليدية تعرض في المهرجانات وأمام السواح فقط. ما ذكرني بالأيام الخوالي أزمة ارتفاع أسعار الغاز التي تعيشها الإمارات الشمالية. باستمرار ستظل في ارتفاع طالما بقي السعر العالمي لهذه السلعة الحيوية في ارتفاع دائم وطالما لا يوجد تدخل من قبل المسؤولين لحل جذري لهذه المعضلة ،التي ستظل تؤرق الأهالي وتستنزف ميزانيتهم باعتبار أن الغاز من المواد الاستهلاكية المهمة في حياتنا هذه الأيام. وطالما بقي الأهالي تحت رحمة التقنية والأدوات الحديثة، حيث أن كمية الغاز الموجودة في الأسطوانة حسب شكوى الأهالي لا تكفي لمدة أسبوع واحد من الاستهلاك اليومي وخلال الأشهر الأربعة الماضية ارتفع سعر أسطوانات الغاز من الحجم المتوسط المستخدمة في المنازل من 75 إلى 115 درهماً، هذا الارتفاع الجنوني لأسعار الغاز له ما يبرره بالنسبة للشركات التي أرجعت السبب إلى ارتفاع أسعار الغاز عالمياً وتقول إنها تحدد هامش ربح بسيطا. قبل أيام سمعنا عن مبادرة شركة أدنوك بفتح سوق لها في هذه الإمارات من خلال محطات أدنوك المنتشرة في أغلب إمارات ومناطق الدولة ، ورأينا كيف تدافع الأهالي واستبشروا خيراً بتواجد مثل هذه الشركة الرائدة ، التي تعتمد مواصفات لشكل أسطوانات الغاز الخاص بها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة عند الأهالي هل ستبقى مبادرة أدنوك مستمرة؟ وهل ستكون الحل الأمثل للحد من ارتفاع أسعار الغاز عند الشركات الأخرى؟ أغلب المواطنين في الإمارات الشمالية والذين يعملون في أبوظبي يقومون بحمل أسطوانات الغاز من العاصمة إلى مناطقهم في الإمارات الشمالية على الرغم مما في هذا من خطورة بالغة على حياتهم وحياة الناس في الشارع إذا ما حصل حادث لا قدر الله. نعيش ولله الحمد في دولة حباها الله بكل خير، وهي سباقة لفعل الخير ليس لأبنائها فحسب وإنما خيرها تعدى الحدود الخارجية، لكن هذا لا يعني أننا لا نقوم بمبادرات شخصية لحل مثل هذه المشاكل التي تظهر بين الحين والآخر من خلال تقنين استهلاك الغاز والعودة إلى الطبيعة والرجوع إلى الأدوات التقليدية في الطبخ، فالحاجة أم الاختراع كما يقولون وأخيرا أقول ما أحلى أن تأكل وجبة أعدت بهدوء على نار التنور ونقارنها بوجباتنا التي تستهلك الغاز فلنجرب ولن نخسر شيئا.