يرفض البعض أحياناً استثارة عقله البشري الذي وهبه الله سبحانه وتعالى إياه لاستغلاله والاستفادة منه، ويفضل أن يكون إمعة أو مقلداً تقليداً أعمى، وأن تأتيه الأفكار جاهزة حتى وإن لم تكن بقدر الحاجة التي يريدها ولكنها في النهاية ستخدم حاجته ولو بجزء بسيط، المهم أنه لم يبذل الجهد لاستخراج هذه الفكرة وترجمتها إلى واقع؛ بالرغم أن الدراسات العلمية أثبتت أن الشخص العادي يفكر في اليوم الواحد ما بين 60و90 ألف فكرة والتي من الممكن أن يحولها إلى إبداع مميز؛ ولكن قد لا نسعى إلا ترجمة جزء منها إلى حاجة وقتية والسبب قد يكون تكاسلاً منا وليس لصعوبة تحقيقها!. فالجميع قادر على الإبداع والتميز ولكن وللأسف لا يهيئ لتلك الأفكار الطرق والمساحة المناسبة، أو بشكل أدق لا نحاول تطوير تلك الأفكار، ونعيش في صندوق وإطار واحد يقيد إدراكنا وأفكارنا وقدراتنا الحقيقية وهو «المستحيل» ، وقد عرف في علم المنطق أن أفكار الإنسان تندرج تحت ثلاث خانات أفكار مستحيلة وأفكار ممكنة ولكن ليس الآن، وأفكار ممكنة في كل لحظة، ولو سجنّا أنفسنا في صندوق الأفكار المستحيلة ستنطبق علينا صفة «الإمعة» والتي يقصد بها عدم إمكانية الشخص خلق كيان ذاتي مستقل إنما تحركه الأفكار والاتجاهات من حوله دون حول ولا قوة، وهذا ما حذرنا منه نبي الله «صلى الله عليه وسلم». لذا يفترض أن يخرج الإنسان من نطاق صندوق إدراكه لذاته ويقارنه بمن حوله وأن يفكر بتحقيق اللا ممكن وليس الممكن، ولو استشهدنا بأحد ألمع مخترعي العصر الحديث لكان المخترع الأميركي «توماس أديسون» خير برهان لتحدي الذات وابتكار الأفكار، ذلك الطفل الذي لم يتعلم في المدارس إلا ثلاثة أشهر فقط؛ فقد وجده ناظر المدرسة طفلًا بليداً متخلفاً عقلياً ضعيفاً في المواد العلمية، الأمر الذي ترك بسببه المدرسة. ولكن لم يكن ذلك الظرف عقبة في حياته، فقد قامت أمه بخلق جو من التشجيع والاسترخاء والتأمل لهذا الطفل، إيماناً منها أن التأمل والاسترخاء يولدان الإبداع والتميز، وبالفعل خرج ذلك المبدع بتسجيل 1090 براءة اختراع حسبت لصالحه؛ ولم يكن ذلك السبب الوحيد في تميزه فقد كانت الظروف الصعبة عاملاً إيجابياً في حياته، حيث كان لاختراع المصباح الكهربائي قصة مؤثرة في حياة أديسون، ففي أحد الأيام مرضت والدته مرضاً شديداً، وقد استلزم الأمر إجراء عملية جراحية لها، إلا أن الطبيب لم يتمكن من إجراء العملية نظراً لعدم وجود الضوء الكافي، واضطر للانتظار إلى الصباح لكي يجري العملية لها، ومن هنا تولد الإصرار عند أديسون لكي يضيء الليل بضوء مبهر فانكب على تجاربه ومحاولاته العديدة من اجل تنفيذ فكرته حتى أنه خاض أكثر من 999 تجربة في إطار سعيه من اجل نجاح اختراعه، وقال عندما تكرر فشله في تجاربه « هذا عظيم.. لقد أثبتنا أن هذه أيضا وسيلة فاشلة في الوصول للاختراع الذي نحلم به»، وعلى الرغم من تكرار الفشل للتجارب إلا أنه لم ييأس وواصل عمله بمنتهى الهمة باذلاً المزيد من الجهد إلى أن كلل تعبه بالنجاح فتم اختراع المصباح الكهربائي في عام 1879م. Maary191@hotmail.com