ما أن يرتدي الشخص نظارة حتى نطلق عليه لقب مثقف، لماذا نربط النظارة بالثقافة؟ عندما نشاهد أحدهم يضع نظارة على عينيه نقول «هذا شكله قارئ ما شاء الله، ومثقف وربما إذا أطلنا النظر إليه يصبح عالماً»! ربما تكرست الفكرة منذ زمن بعيد، في بداية القرن الماضي عندما كانت سلوة الناس الوحيدة هي القراءة فلا يوجد شيء آخر يسرق النظر إلا الكتاب، أما الآن فقد تغير الحال، وكل شيء بات يسرق النظر وبسرعة تفوق الكتاب، والغريب أن النظر ينخفض بشكل مفاجئ. وبعيداً عن نظارة المثقف أو العالم، نجد الكثير من الناس يطلقون أحكامهم على الشكل الخارجي للأفراد، وأحياناً هناك أحكام تطلق على صمت الأفراد «ليش ساكت مب هين سوسة» أو «الساكت ناكت»، أو يكون الاتجاه مغايراً إذا كان الناس حسني النوايا «مسكين ساكت ما يحب الكلام». ولا تتوقف الترجيحات والأحكام على الناس عند هذه الكلمات، بل تمتد إلى شكل العيون والحواجب والابتسامة (...) إلخ. والأمر يمتد أحياناً إلى أسلوب اللفظ وأحيانا إلى أسماء الأفراد، والإيحاء والمعنى الذي ترمي إليه، فنقول «اسمه لا يوحي بأنه كذا وكذا». قد لا تكون أحكاما بقدر ما هو الانطباع الأول الذي نكونه عن الأفراد، وغالباً ما يتغير هذا الانطباع بمعرفتنا بالأشخاص وربما بعد فترة ليست بقصيرة. الشكل والأسلوب يسهمان بشكل كبير في تشكيل الانطباع، خصوصاً أول لقاء الذي يعكس مدى القبول للشخص الآخر «سيماهم في وجوههم»، وليس شرطاً أن يكون هذا الانطباع دقيقا أو صحيحا، ولكنه يؤثر بدرجة كبيرة في الفكرة التي نكونها عن الأفراد أو حتى الأماكن. وعلى الرغم من ذلك، يجب أن نحرص على أن نترك انطباعا جيدا عند الآخرين، خصوصا المتقدمين لوظيفة ما أو الذين مايزالون على مقاعد الدراسة، فالانطباع هو أيضاً رغبة في توصيل صورة معينة لجذب انتباه الطرف الآخر الذي يعتمد على فراسته في معرفة ما إذا كان هذا الانطباع صحيحا أو لا. والانطباع الأول ليس مثل نظارة المثقف التي يلبسها معظم «شيابنا» (كبار السن)، والذين هم أكثر ثقافة وعلماً من بعض المثقفين، فالحياة ومشقاتها أجبرتهم على ارتدائها، وليت الثقافة قيست بالنظارة فقط لكان الأمر أهون بكثير. ameena.awadh@admedia.ae