هذا العام اهتز عرش السياحة العربية، فمصر الجميلة تعيش “الجُمع” اللانهائية، ودمشق الحضارة لا نملك لها إلا الدعاء، واليمن السعيد يذرف أحزاناً لا تنتهي، وتونس الخضراء مضطربة كموج بحرها اللازوردي الجميل، وكل وجهات السياحة الأخرى تضع يدها على قلبها في انتظار أن ينتهي الربيع العربي، والناس سواء كانوا مواطنين محبين للسفر أو وافدين يمنون النفس برؤية الأهل تتملكهم الحيرة ويحتطبهم التوتر. هذا العام أيضاً ازدادت أسعار تذاكر السفر، وصارت الوجهات الشرق آسيوية التي كانت رخيصة تكلف روادها ما يقارب تكلفة الدول الأوروبية، والجمهور محاصر ما بين تبعات الربيع العربي وأسعار آسيا المشتعلة، وحرارة صيف الخليج، وهلال رمضان المقبل بسرعة هذا العام. بينما تتجه أنظار الخليجيين إلى الإمارات كوجهة صيف ممكنة، يحاول الإماراتيون الخروج منها إلى أبعد نقطة باردة، ليس الطقس الساخن دافعهم الوحيد بل الأسعار اللا معقولة التي يدفعونها للتمتع بالسياحة الداخلية. في كل دول العالم التي زرتها وجدت أسعاراً خاصة لسكان البلد الأصليين، في مصر، مثلاً، يدفع المصري بالجنيه المصري، بينما يدفع السائح بالجنيه الإسنترليني أو الدولار، في سوريا أسعار المطاعم والفنادق والمواقع السياحية للسوري مختلفة عن سعرها للسائح العربي، حتى ماليزيا ودول في شرق آسيا تعامل المقيم فيها معاملة خاصة يحصل فيها على تذكرة الدخول بثلث المبلغ الذي يدفعه السائح. بينما في الإمارات - وعلى الرغم من قلتنا كإماراتيين - يتوجب علينا أن ندفع أسعار السياح الأجانب نفسها، ونخضع للضرائب السياحية في المطاعم والفنادق والمنتجعات، وحتى الجهات التي تقدم أسعاراً خاصة للإماراتيين، كما تروج، لاتقدم أسعاراً حقيقية، بمعنى أن الخصم الذي تدعيه هو السعر نفسه الذي يدفعه سياح “القروبات” السياحية ومكاتب السفاري. من الأمور التي تصعب مسألة السياحة الداخلية ضعف الترويج للسياحة الداخلية باللغة العربية، وإن وجد فهو لا يزيد على مجرد إعلانات لفنادق وتنزيلات لمحال، بينما تجد الكتيبات والخرائط الإنجليزية تملأ أرفف المحال ومحطات البترول، وترى مئات المواقع الإلكترونية الأجنبية المخصصة لجذب السياح إلى الإمارات، لكنها قليلة ومحدودة باللغة العربية. لتشجيع السياحة الإماراتية للإماراتيين أنفسهم والمقيمين الذين يعملون في الدولة، يجب توفير بيئة جاذبة لهم، بيئة تجعلهم يتسلون بجولاتهم وينجذبون للأماكن التي لم يسبق لهم دخولها، عبر فرض تخفيضات خاصة لهم طوال العام، وجعل الأسعار لهم رمزية وإعفائهم من دفع ضرائب السياحة والفندقة، ونشر مواد إعلامية عربية ترويجية تساعدهم على اختيار الإمارات كوجهة صيفية عوضاً عن السفر خارجها.