مارادونا في الإمارات .. كان هذا الخبر كافياً، لانطلاقة شلالات من التساؤلات والأماني، والفرحة أيضاً، والصور الذهنية الكثيرة، والسيناريوهات التي تشبه الأحلام حيناً و«الكوابيس» في أحيان أخرى. الخبر، وصلنا ونحن في أميركا بماراثون زايد الخيري، وحتى قبل أن يخبرنا الزملاء والأصدقاء هنا بأنباء الصفقة وأسرارها، كان يمكنك أن تعرف الخبر من الأميركان حولك، فالمدرب الأسطورة، له عشاقه ومحبوه في كل بقاع الأرض، وهو محل اهتمام الإعلام في حله وترحاله، والشارع الرياضي العالمي ربما أكثر شغفاً بأخباره من أخبار الملوك والرؤساء والوزراء، وهو وحده من يصنع تلك الحالة، وليس أدل على ذلك من الخبر الذي نشر على صفحاتنا أمس أن 2200 موقع وصحيفة حول العالم رصدت تلك الحالة “الإماراتية - المارادونية”. هو بالطبع نبأ ضخم، يرقى إلى تلك الأخبار التي تدهشنا، فنفتح أفواهنا للحظات بعد سماعها، ونبدو غير متأكدين منها حتى وإن قرأناها، فنسأل كل من نقابله: هل صحيح هذا الخبر، وهو ما حدث على سبيل المثال عندما تم إعلان فوز قطر بحق تنظيم كأس العالم بمونديال 2022 .. الدهشة نفسها، والمفاجأة نفسها، رغم الفارق بين طبيعة الحالتين، ولكن الوصل أيضاً بإمكانه أن يقول: فزنا بمارادونا، ولمدة عامين كاملين، ربما سيكون خلالهما أشهر ناد في العالم، وربما تنافس أخباره، أخبار البارسا وريال مدريد، خاصة أن الأسطورة، مثير للجدل، وسنكون على موعد مع موسمين حافلين في«دوري مارادوني». ولست إطلاقاً مع الذين يقللون في بعض الأحيان من قيمة الصفقة فنياً، بالنظر إلى نتائج مارادونا مع الأرجنتين في كأس العالم الأخيرة، فهذا ليس محل قياس على الإطلاق، وأعتقد - ويتفق معي كثيرون - أن آخر مدرب من الفرق التي خاضت كأس العالم، مؤهل لقيادة أكبر وأقوى الأندية في دورينا، كما أننا نعلم أن الأجهزة الفنية ليست مجرد مدير فني، وإنما هي في معظم الأحيان تضم عدداً كبيراً من الفنيين المتخصصين، الذين يقودهم المدرب أو رئيس الجهاز الفني. وشخصية مثل مارادونا بإمكانها أن تلقي بالكثير على إيقاع العمل في قلعة الوصل، فيكفي أن يدرك اللاعبون أن من يدربهم هو مارادونا، وأن يعلم أعضاء الجهاز الفني أن من سيجتمع بهم ويضع معهم الخطط هو الأسطورة الأرجنتيني، وتذهب الجماهير إلى تدريب ناديها أو مباراته وهي تعلم أنه سيكون هناك، بل يكفي أننا نحسد من الآن زميلنا الذي يغطي أخبار الوصل، فسيرى مارادونا كل يوم، وسيتعرف كل منهما إلى الآخر، وقد يحظى بحوار منه تتناقله وكالات الأنباء وصحف العالم. تلك هي الحالة التي سيصنعها مارادونا في دوري المحترفين، ناهيك عما يمكن أن يحققه للوصل، الذي بإمكانه أن يجعل كامل أعباء الصفقة المادية على غيره، لو فتح الباب أمام الشركات الراغبة في رعاية الصفقة، فمارادونا ليس مدرباً فقط، وإنما هو في الحقيقة حالة كروية تاريخية، تسمح بالاستثمار فيها والاستفادة من أكثر من جانب، الكرة والاقتصاد والإعلام، والمجتمع أيضاً. باختصار هو «نجم استثنائي» اختار أن يبقى على أرضنا لعامين، ولو وافق أن يبقى لدينا دون أن يدرب، فهو يستحق كل الأرقام. كلمة أخيرة: كلما جلست مع صديق تخيلنا سوياً، كيف سيكون الدوري في وجود مارادونا، لكن أظرف ما أخبرني به صديق: أن وجود مارادونا في دورينا يستدعي تغييرات في لائحة المسابقة. mohamed.albade@admedia.ae