أفرد منتدى الإعلام العربي، الذي اختتمت فعالياته الأربعاء الماضي في دبي، مساحات واسعة من جلساته لتأثير ودور الإعلام الجديد في ربيع التغيير الذي تشهده مناطق عدة من عالمنا العربي.
تفاعل المنتدى في دورته العاشرة مع المتغيرات الجارية، والتي لعب فيها الإعلام الجديد دوراً محورياً، يعكس الحيوية التي يتمتع بها، في ضوء الدعم الواسع الذي يحظى به من لدن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والذي يحرص على الحضور وتكريم الفائزين بجوائز الصحافة العربية في كل دورة من دورات المنتدى والجائزة، إيماناً من سموه بالدور الذي يقوم به الإعلام ورجالاته وأدواته. وقد لخص سموه الرسالة الإعلامية في عصر الفضاءات المفتوحة، حين دعا، خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى، الإعلاميين إلى التمسك بأخلاق المهنة، وخدمة شعوبهم بنقل الحقيقة، وبناء جسور التعايش والتسامح مع الآخر، دعماً للسلام العالمي، وتوظيف مثل هذه الملتقيات لتطوير المشهد الإعلامي على الساحة العربية.
لقد وضع الإعلام الجديد وأدواته، الإعلام الرسمي في مأزق حقيقي، خاصة ذلك الإعلام الذي لم يستوعب بعد التغييرات الجارية، ولا يزال مقيماً في مسلكه الذي تجاوزه الزمن، والذي يعتقد أن المتلقي لا يملك بديلاً إلا الاستماع لما يصدر عن الآلة الإعلامية الرسمية، ولا تتاح له خيارات ليتابع قنوات ووسائل أخرى، فهذا الفضاء أصبح اليوم يعيش تخمة حقيقية من جراء توافر المعلومة عبر وسائل وبدائل عدة، لم تعد معها قنوات الإعلام الرسمي الخيار الأوحد.
ومنذ رياح التغيير التي هبت على مناطق عدة من عالمنا العربي، يجد المتابع نفسه في حالة من الإشفاق على متحدثي الإعلام الرسمي في تلك المناطق، وهم يطلون على الجمهور بلغة متخشبة متكلسة، تجاوزها الزمن من أجل إخفاء الحقائق، وتصوير ما يجري وفق ما يريدون، وعند أي اختلاف معهم تنهال الاتهامات بحق الطرف الآخر المحاور بأنه متآمر ومتواطئ مع أهداف الإمبريالية والصهيونية العالمية، وغير ذلك من التهم الجاهزة في مفردات معجم اللغة المتكلسة التي «يتميز» بها أولئك الذين يرفضون «الرأي والرأي الآخر»، ممن لا يزالون يهيمنون على أجهزة الإعلام الرسمي في تلك المناطق.
أقول يشعر المرء بشفقة حقيقية على ذلك المتحدث الرسمي، الذي يحاول ليّ الحقيقة بكلمات لا تسعفه، وهي تخرج مبعثرة تحوم حول الحقيقة ولا تجرؤ على الاقتراب منها، ويحاول إقناع الآخرين بما يقول، شفقة حقيقية على من يقف وحيداً لحجب الحقيقة مع تحول غالبية عظمى من شعبه إلى مراسلين صحفيين، يصورون بهواتفهم النقالة ما يجري من حولهم، وخلال ثوان معدودات تكون متاحة لملايين الناس حول العالم، من أقصاه إلى أقصاه، بعد وضعها على مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة، ويعلق عليها عشرات الآلاف من البشر، في صياغة جديدة لتوجهات الرأي العام، تشهد على مقدار التحولات الهائلة التي ضربت عملية صناعة الإعلام الجديد. ومع هذا لا يزال البعض يعتقد أنه الصوت الأوحد للمشهد، فلا يسمع سوى صدى صوته.


ali.alamodi@admedia.ae