فجأة سقط زين العابدين بن علي في تونس، يخرج التونسي غير مصدق حصول “المعجزة” فيصيح في الشوارع وحيداً باكياً “بن علي هرب” “الحرية للشعب التونسي العظيم”، لتسير الأمور فيما بعد على “غير” ما يرام، أما مصر فتغلي من أولها لآخرها، مطالبات فئوية أياماً ومليونية أياماً بينما الصراعات المخيفة قد انفجرت أخيراً عن أكبر السوءات: الفتنة الطائفية وظهور المسألة القبطية بشكل إشكالي ومعقد.
وفجأة كمن يقبض على لص مبتدئ عثرت أميركا على بن لادن (بحسب روايتها الغريبة) وقتلته ليس في جبال تورابورا ولكن في أراضي حليفتها باكستان التي بدا واضحا أنها لم تكن على علم بعملية الاقتناص، بعد أن ظل يتفلت من بين أيادي الأميركان لأكثر من عشر سنوات، يعلم الله كم أنفقت خلالها من أجل القبض عليه، هذا على افتراض أنها كانت تبحث عنه وتريد أن تقتله بنية رمي جثته في بحر العرب.
فجأة ظهرت نساء الفتن في مصر، امرأة قيل أنها اختطفت في كنيسة وامرأة ستعاد مجددا للمسيحية بعد أن أعلنت إسلامها وأخرى اختطفها أقباط ودقوا الصليب في باطن يدها، وبينما لا زال الأقباط معتصمين أمام ماسبيرو للمطالبة بالقصاص ممن تورطوا في جريمة كنيسة امبابة، جاء خبر محاصرة بعض الإسلاميين لكنيسة العذراء في عين شمس ليصب زيتا آخر على نار الأزمة ويؤخر فك الاعتصام ويزيد طين الفوضى بلة.. ثم ماذا؟
وبينما الرئيس “صالح” يتمادى في المماطلة والمبادرة الخليجية تختفي لتظهر دون أن نعلم مصيرها النهائي، يبدو الوضع في سوريا قاتماً جدا وفي ليبيا أكثر مأساوية، في الوقت الذي لا يفعل «الناتو» شيئا لحسم الوضع ولا لإنهائه، بقدر ما يدفع الأطراف المتصارعة إلى مزيد من الضحايا والعبث بثروات ليبيا..
هذا باختصار ما يحدث على الخريطة العربية، أو على الأقل ما يبدو لنا من خلال المتابعة، بينما تسعة أعشار الحقيقة أوراق مختفية يلعب بها لاعبون كبار حاذقون وبعض متعهدي الحروب وتجار الأسلحة، ولا مرجعية على ما يبدو تعيد توزيع الأدوار على الرقعة، الكل بيادق، ولا ملك، وفي “لعبة الأمم” حسم الصراع لصالح الفوضى، وفي منطق الفوضى فالنهاية دائما لصالح الذين خططوا لها وليس الذين تسارعوا للوقوع في فخها.
لا مرجعية اليوم في الوطن العربي على صعيد السياسة، أما المثقفون فقد استقالوا باكرا، وأما رموز الفن فقد تهاووا في انكشاف مخجل، وأما الشباب فيبدو أنهم يصارعون خفافيش لا حصر لها لا زالت تلبد في الزوايا المعتمة تتحين الفرص للانتقام من شباب «الفيسبوك».
نحتاج زمنا للخروج من التيه للوصول إلى أرض الميعاد، أرضنا العربية التي حلمنا بأن نفرش الطريق إليها بالثورة لتستقبلنا بالإصلاح، فتجادلنا وأكثرنا الجدل، وربما كفرنا وربما شربنا من نهر الفتن فكان لزاماً أن نسقط في الغواية.


ayya-222@hotmail.com