يقولون عنه إنه مرض العصر، ويقولون إنه المرض الصامت والماكر والخبيث، هذا هو مرض السكري، الذي صار يضرب أجساد الكبار والصغار، ويفني أجساداً، ويزهق أرواحاً، لأنه العدو الذي وجد البيئة المهيأة لحربه الضروس التي يخوضها ضد البشرية. وفي الإمارات، كما يذكر الدكتور عبد الرحمن المعمري، استشاري أمراض السكري، أن هذا المرض سوف يكلف الإمارات 31 مليار درهم في عام 2020، بمعنى أن هذا المرض سوف يسرق من موارد البلد مبلغاً باهظاً، وبالإمكان الاستفادة منه في تنمية قطاعات بحاجة إلى الاهتمام، وأولها الصحة. والمؤسف جداً أن الإنسان بنفسه يجني على نفسه، وهو الذي يساهم مساهمة كبيرة في جلب هذا العدو الشرس إلى جسده لكي ينهشه عضواً عضواً حتى يقضي على حياته، وذلك بسبب العادات الغذائية السيئة، والتي بدت تغزو بيوتنا جهار- نهار، ونحن راضون، مسرورون بما يتلقفه أبناؤنا من أغذية جاهزة ومجهزة بالمواد الدهنية والسكرية العالية، وعندما نقرأ خبراً تحذيرياً عن مثل هذه العادات نغضن حواجبنا ونقول متأففين: الأعمار بيد الله، هذا صحيح، ولكن يجب أن نأخذ بالأسباب وإلا فإن الانتحار هو موت، وهو يأتي في وقته الذي يحين فيه أجل الإنسان، ولكن بالمسبب والأداة، وبعد الغذاء تأتي الرياضة، فهذه عامل مهم في حرق كل ما يختزن في الجسم، وتحريك للدم وتنشيط للقلب، وإذابة ما يترسب في الشرايين، وكما يؤكد الدكتور المعمري أن الغذاء الصحي وممارسة الرياضة بانتظام يخفضان من الإصابة بمرض السكري بنسبة 58%، ولكن كيف؟ من يستطيع أن يقنع العائلات التي تجتمع حول الشاشات الفضائية لمدد تتجاوز نصف اليوم، والمطالب ملبية من قبل الخادمات اللاتي تحوم الواحدة منهن حول الجالسين في انتظار الإشارة لتؤدي الواجب، وإن كان عن سوء خاطر. أجيال تربت على الكسل والعيش على حساب خدمات الآخر الذي أصبح يعرف أدق الأسرار، وكل ما يحدث في المنازل وحتى في غرف النوم، لأن الناس لا يريدون أن يتحركوا ولا أن يبذلوا الجهد. يمارسون السلطة والسطوة في المنازل بأساليب خاطئة لم تنحسر مشاكلها على العلاقات الاجتماعية، بل أنها أصبحت تنهش الجسد وتفتك بالأعمار. نحتاج كثيراً إلى الوعي بقيمة الغذاء الصحي، ولا يضر ربة البيت لو نهضت وحركت أردافها ودخلت المطبخ، وقدمت بيديها الطاهرتين غذاءً لا تشوبه شائبة شك بما تفعله الخادمة، وكذلك ما تقدمه المطاعم من أغذية لا يتم الاهتمام بنوعيتها وجودتها. نحتاج إلى تعليم أبنائنا بأهمية الرياضة للتخفيف من الأوزان وأحزان الأحشاء المملوءة. ونطلب الصحة والعافية للجميع. علي أبو الريش | marafea@emi.ae