لا تستغرب إذا شاهدت مباراة في إحدى الدوريات الأوربية ووقعت عيناك على التوقيت إذا علمت أن عمر المباراة هو 90 دقيقة، ولا تتفاجأ عندما تشاهد مباريات دورينا لأن عمر المباراة هنا 90 دقيقة أيضاً، فهي ليست مفارقة لأن الحقيقة أن كل مباريات كرة القدم 90 دقيقة. ولكن ما بين 90 دقيقة هنا و90 دقيقة هناك كما بين الثرى والثريا، فهنا الملل وهناك الإثارة وهنا البرود وهناك الحرارة، وسامح الله من جاء باللعبة إلى بلادنا وورطنا فيها وجنى علينا كما جنى عليها. وعندما يقول كاتانيتش مدرب منتخبنا إنه يستغرب من ضعف إيقاع مباريات الدوري وكثرة إضاعة الوقت وادعاء الإصابة فهو لم يخطئ، نعم الإيقاع ممل وضعيف وبارد إلى درجة التجمد. فمدربو الأندية منذ المراحل السنية وحتى الفريق الأول لا يفكرون بتطوير اللعبة أو اللاعبين ويضعون كل همهم في كيفية تحقيق النتائج الإيجابية والتي تضمن لهم البقاء على مقاعدهم لأطول فترة ممكنة. هم لا يطلبون من اللاعبين الاستمتاع بكرة القدم ولكن بالفوز فقط حتى لو جاء بتسجيل هدف في الدقيقة الأولى والتفرغ 89 دقيقة للسقوط واستهلاك الوقت وادعاء الإصابة وجعل المتفرج يندب حظه على الوقت الذي أضاعه في مسرحية هزلية حبكتها غبية. وحكام كرة القدم يتحملون جزءاً ليس باليسير في هذا الأمر حيث يجب أن يتعاملوا مع استخفاف اللاعبين بالجمهور بحزم شديد فأن يطرد لاعب يمثل على كل الناس بالسقوط المتكرر وادعاء الإصابة خير من طرد لاعب يمثل على الحكم ويتحايل على القانون. الفوز مهم والأهم ألا يأتي بالتحايل على أناس جاءوا من أجل التمتع بيوم كروي جميل، وفي الملاعب الأوربية يدرك اللاعبون أن هذه الجماهير جاءت لمشاهدتهم والاستمتاع بتسعين دقيقة من الكرة دون فواصل إعلانية، وهؤلاء اللاعبون يبحثون أيضاً عن الفوز ويسعون لتحقيق الانتصارات ولكنهم يدركون أنه يأتي ببذل الجهد والعطاء دون التقليل من احترام المشاهدين. هذا السبب الذي يدفع أحد الأشخاص هنا لحجز تذكرة طيران إلى لندن ويمضي سبع ساعات في الجو ويتكفل بمصاريف كبيرة من أجل مشاهدة مباراة كرة قدم في الدوري الإنجليزي، ونفس الشخص يحجم عن التوجه لمشاهدة مباراة في الدوري المحلي في الملعب الذي لا يبعد عن منزله خمس دقائق مشياً على الأقدام. فهناك في انجلترا سيصفق لمجموعة رائعة من اللاعبين الذين يحترمونه وهنا سيصفق كفاً على كف بسبب مجموعة من اللاعبين كل هدفهم أن يعذبونه. راشد إبراهيم الزعابي ralzaabi@hotmail.com