جاءني أحد الزملاء وقد أحمر وجهه، وقبل أن أرد عليه السلام فتحت الرسالة التي جاءتني عبر الـ”بي بي ام”، وقرأتها لم أتمالك نفسي، تلعثمت، وأنا أقرأها، وتشابكت الكلمات، وجهلت حروف الهجاء، ولم استطع تركيب جملة للرد على الزميل الذي تسمر أمامي مذهولاً مرعوباً، وقد شاركته الشعور كل منا ينظر للآخر ويريد البوح بمصيبة كجبل أحد، عرفناها من الجهاز الأسود الصغير الـ”بي بي ام”، شفتانا تتلاطم دون أن تخرج كلمات، بدأنا نقرأ معاً قصار الصور، ونسبح ونحمد ونقدس المولى عز وجل، والى الآن لم يقل ما به، ولم أقل له ما قرأته بالـ”بي بي إم”، ولكن هناك صدمة وذهولاً مشتركاً بيننا، وأخيراً كان أقوى مني وقال فعلاً فلان الفلاني قد مات!! يقال إنه جاءته النوبة القلبية وانتقل إلى جوار ربه!! لا حول ولا قوة الا بالله.
صعقت وبادرت قائلاً, كيف من قال لك؟ لأنه جاءني لتوه بالـ”بي بي ام” أنه مات, مسكين، كان رجلاً طيباً، الله يغفر له ويرحمه, ثم تداركت الموقف، واستدعيت أحد الزملاء بالقسم الرياضي، وسألته هل فلان الفلاني مات حقاً؟ !! ذهل الزميل، وقال وقد تلعثم هو الآخر لسانه، متى؟ لا.. لا أعرف ، لكن سأسأل وأتاكد من الخبر. بادرت واتصلت بأحد الأصدقاء المقربين من فلان الفلاني، للتأكد من صحة الخبر الذي وصلني, حادثته بهدوء، وقلت يقال إن فلان الفلاني قد مات، هل لديك أي معلومة عن صحة هذا الخبر، فرد بذهول متى؟ كيف؟ من قال لك؟ وبصوت جهوري قال لمن يجاوره، فلان هل انت مت حقاً !!! فرد لا والله بعدني حي، يوم بموت بتعرف، لكن الحين أنا “يالس” جنبك، يعني بعدني ما مت. فرد علي الصديق وبعد أن سمعت الحوار بينهما، فلان الفلاني يقول إنه لم يمت بعد، لكن من أخبرك قلت هذا الجهاز الأسود الملعون، فضحك بقهقة، وقال هل فعلاً وصلتك الإشاعة؟
نعم كانت إشاعة أطلقها أحد الحضور بمجلس لكنها انتشرت كالنار في الهشيم، وغيرها الكثير من الإشاعات والأخبار الكاذبة والمضللة وغير الهادفة بل والهدامة، تنتشر بيننا بسرعة البرق، ولعل من أسخف الرسائل الكاذبة التي تصلنا أن فلان الفلاني انتقل الى جوار ربه وهو الآن بأمس الحاجة لدعائكم، فلا تبخلوا عليه بالفاتحة وما تيسر من القرآن والأدعية، على روحة الطاهرة، فيما يكون هذا الشخص يجلس بين أهله أو في عمله وقد يفاجأ بأن يصله خبر وفاته.
هؤلاء العابثون من يسعون لترويج مثل هذه الشائعات لا يملكون ذرة من المسؤولية والتقدير لحجم الأسى الذي قد يخلفونه من جراء عبثهم هذا، ولا يقدرون حجم الكارثة
والمصيبة التي تحل بأب أو أم أو أخ أو أخت هذا الشخص عندما تصلهم الرسالة!!


m.eisa@alittihad.ae