في الملتقى الإعلامي الذي يقام في دبي على هامش احتفال جائزة دبي للصحافة العربية في عيدها العاشر، والذي اتسم هذا العام بروح جديدة، ونَفَس مغاير، ووجوه شابة وطازجة من قلب الأحداث، وكأنه يحاكي ما يجري في الساحة العربية من مقدمات للحرية وإرهاصات للتغيير، وتبعات للثورات المطالبة بـ”إسقاط النظام” في هذه المرة ثمة حدث كبير وطازج، وثمة تفاعلات وصدى لأصوات الشارع، وغياب ذلك الرسمي المتكلس، والإعلامي العجوز الذي لا يستطيع فك شفرة الإنترنت، وربما غير قادر على أن يفرق بين “تويتر وفيس بوك” وبين أسماء أكلات الـ”جانك فود”.
في هذا الملتقى المهم هذا العام، ثمة تحديات للإعلام في أشكاله، المقروء والمسموع والمرئي من قبل إعلام حديث قادر على أن يخترق، وقادر على أن يحرق الوقت، وهذا ما فعلته وسائط التواصل الاجتماعي إبان الثورات العربية أو ما يعرف بالربيع العربي، حيث استطاعت أن تخرق وتحرق الوقت، وتسرّع بالأحداث في اتجاه واحد، وتكون الإعلام البديل والجديد في ظل غياب وارتباك وسائل الإعلام التقليدية، وقدرت أن تتصل بالعالم وتقدم صورة صادقة لما يعانيه المواطن العربي من جحيم الفقر والتأخر والفساد والبطالة ودهس الكرامة، وكتم أصوات الحرية وأشكال التعبير، كما قدمت صورة مختلفة للعربي أو المسلم الذي لا يفرق الغرب بينهما كثيراً، والذي يلصق بهما تهماً تنال من الشخصيتين العربية والمسلمة وتقزمهما، وتجعلهما حبيستا العنف والإرهاب والجهل والملذات وأموال النفط، تلك الصورة النمطية التي في ذهن الغربي ولا يريدها أن تتغير.
ففي أشهر قليلة وبوسائل تقنية بسيطة، وبأشخاص من جيل الشباب الذي خطط له من قبل بعض الأنظمة العربية ليستوعب بعض المناهج التعليمية الهشة، والنظريات المتهالكة، وبالتالي إركاعه وإذلاله ضمن سياسية الأمن والرغيف، قدر هؤلاء الشباب بثورتهم الاجتماعية والمسالمة أن يتواصلوا مع العالم، ويعرّفوا الشعوب الأخرى بما يجري في أوطانهم، وهو أمر عجزت عنه الآت وزارات الإعلام العربية وجهاز الجامعة العربية، والميزانيات المهدورة من قبل كثير من الدول من أجل دعم إعلام مرتزق في الخارج ليكتب مادحاً أو يصمت كاذباً.
إذاً اليوم هناك تحد كبير يغلب الرقيب، ويغلب حارس البوابة الإعلامية، إعلام جديد ووافد يفرض نفسه، يمكنه أن يحرق الوقت دون أن يحرق المال، ويمكنه أن يخترق الحجب ويتواصل عبر خطوط وهمية عنكبوتية غير مرئية بأقاصي الأرض، عماده الصورة الصادقة والملونة، بحيث يمكن للمشاهد أن يفرّق بين قطرة الماء التي تسيل، وبين قطرة الدم التي تسيح، لكن السؤال الذي يمكن أن يطرح مبكراً، إلى أي مدى قادرون نحن أن نخضع هذا الإعلام الجديد والشفاف إلى معايير الأخلاق الإعلامية؟


amood8@yahoo.com