لسنا في معرض المفاجآت، فقد كانت كل معطيات الموسم، تشير إلى أن لقب الدوري هذا العام «جزراوي». والجزيرة لم يترك لنا تلك الفرصة لنتفاجأ، فهو لم يحسم الدوري بنقطة أو اثنتين، ولم يدخل نفسه في تلك الدائرة المعتادة، حين تفصل مباراة بين فريقين، فتمنح أحدهما كأس الحياة، وتحيل الآخر إلى أحزان ضياع اللقب، وإنما بدا «العنكبوت» هذا الموسم، وكأنه المؤلف والمخرج والأبطال، فوضع السيناريو على هواه، ووفر لفيلم الموسم، كافة المؤثرات والمغريات، ليقدم شيئاً مختلفاً يليق بكونه البطل، فالانتظار الطويل، والصبر الممتد إلى 37 عاماً، كان يحتاج شيئاً مختلفاً، وهو ما فعله البطل الجزراوي، الذي لم يكتف باللقب، وإنما أضاف إليه عدداً من الأرقام القياسية، ربما لن يكررها سواه في قادم البطولات. الجزيرة توج بالأمس، قبل أربع جولات من نهاية الموسم، وبعد 26 مباراة بدون هزيمة، وهو الرقم الذي يشاركه الوصل إياه حالياً، ولم يخسر من الوصل في آخر 13 مباراة، محققاً الفوز 10 مرات، والتعادل في ثلاث، وبالطبع هو مؤهل للانفراد بعدد المباريات دون هزيمة، فأمامه أربع جولات للاحتفال والمتعة، بعد أن اطمأن إلى الدوري ومن قبله الكأس. هذا العمل الذي أثمر عن أروع بطولة للفريق الجزراوي، لم يأت من فراغ، وإنما هو ثمرة تخطيط كبير، وعمل دؤوب تواصل على كافة المستويات، وقيادة أمينة، صبرت على الفريق حين كانت على قناعة بأن وقت الحصاد لم يحن بعد، دون اتخاذ قرارات تضرب باستقرار الفريق، في الوقت الذي تعاملت فيه الكثير من الأندية مع مدربيها وربما لاعبيها بالمباراة وأحياناً بالشوط. التهنئة واجبة إلى سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية الرئيس الفخري لنادي الجزيرة، وإلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس النادي، فقد كانت بصمات العطاء واضحة، وكل من بالنادي، عملوا بثقة استمدوها من سموهما، ودائماً تحتاج الإنجازات إلى من يهيئ لها التربة الخصبة، وهو ما كان في الجزيرة، وأعتقد مثلما يؤمن كثيرون مثلي أن العصر الجزراوي قد بدأ، وأن فوز الفريق بالدوري، هو مقدمة لعهد جديد، تصبح خلاله قلعة العنكبوت رقماً صعباً ومهماً، ليس على صعيد دوري الإمارات فحسب، وإنما على صعيد المنطقة. الجزيرة، سواء يوم حقق الكأس أو أمس الأول، حين حقق الدوري، حاز معهما على ما هو أكثر من البطولة، فقد عبر من مرحلة إلى مرحلة، وقد كانت تلك هي مشكلته الحقيقية في السنوات السابقة، أنه يريد أن يبني لمستقبله الذي يتطلع إليه، وقد تطول مرحلة البناء، ولكن حين تنتهي عملية التشييد، تصبح كل الأماني بعد ذلك ممكنة، ومستندة إلى أرضية. ولابد أن نشيد أيضاً بعمل مجلس إدارة النادي برئاسة محمد ثاني الرميثي، والذي يحب العمل في صمت وهدوء، وللجهاز الفني بقيادة آبل براجا، والذي تحمل الكثير، لكنه لم يفقد أبداً إيمانه بقدراته وبقدرات الجزيرة كفريق قوي، لديه كافة مؤهلات التفوق. أما اللاعبون، فهؤلاء هم حجر الزاوية في البناء الجزراوي، وهم الذين يرسمون بفرشاة الإبداع تفاصيل بسمة الأمل على شفاه الجماهير، وهم الذين استخلصوا من رحم المعاناة السابقة، إنجازاً يليق بالجزيرة ويليق بما قدمه وبسنوات الانتظار الطويلة. كلمة أخيرة فلتفرح جماهير «العنكبوت» بفرسانها، ولتنطلق بأحلامها كيفما تشاء، فلديها «فورمولا» مؤهلة للانطلاق على حلبة الأمل بسرعة «الصوت والصورة». محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae