بعض الناس هوايتهم الحملقة بالآخرين، ومنهم اليوم المختصون بذلك، فكأن عيونهم آلات تصوير فيها عدسات مقرّبة، يغرفون بنظراتهم الفاحصة المتفحصة من الأعلى إلى الأسفل، وبالعكس، ولو ضبطتهم بالجرم المشهود وهم يبتلعون بنظراتهم، زوجتك التي تسير بجانبك، أو أختك، أو ابنتك، فلن تجد غير المزيد من البحلقة، ولو استنكرت فعلتهم، ناصحاً إياهم بغض البصر، لتهجّموا عليك بوقاحة، مطالبين إياك بغض الطرف عن الموضوع، متهمين إياك بالفذلكة، فهم لايجدون غضاضة في ذلك، فلكل حريته بأن يطلق بصره كيفما وحيثما أراد! فلا تجد مفرّاً من لململة الموضوع، درءاً للإشكالات، فتقرر غضّ النظر عن أي أفكار بالتسوق، أو التنزه، وحفظ ماء وجهك، بالبقاء في بيتك، متذكراً بطاقة الدعوة التي تلقيتها لحضور حفل زفاف، ذيّلت بملاحظة “يرجى عدم اصطحاب الأطفال، إن جنة الأطفال بيوتهم”! ومن الناس من لا يكترث بالآخرين، مطلقاً العنان لصوته الأجشّ، وكأنه يجلس في المكان، لوحده، وإن أشرت له بغض صوته، قليلاً رمقك بنظرة لا تعرف ماذا تسميها! وغَضَّ طَرْفَه وبَصره يَغُضُّه غَضّاً وغَضاضاً وغِضاضاً وغَضاضةً، فهو مَغْضُوضٌ وغَضِيضٌ: كفَّه وخَفَضَه وكسره، وقيل: هو إِذا دانى بين جفونه ونظر، وقيل: الغَضِيضُ الطرْفِ المُسْتَرْخي الأَجفانِ. وفي الحديث: كان إذا فَرِحَ غَضَّ طرْفَه أي كسَره وأَطرَق ولم يفتح عينه، وإنما كان يفعل ذلك ليكون أبعد من الأَشَرِ والمَرَحِ. وفي حديث أم سلمة: حُمادَياتُ النساءِ غَضُّ الأَطرافِ؛ ومنه قصيد كعب: وما سُعادُ، غَداةَ البين إِذ رَحَلُوا، إِلا أَغَنُّ غَضِيضُ الطَّرْفِ، مَكْحُولُ هو فَعِيلٌ بمعنى مَفْعول، وذلك إنما يكون من الحَياءِ والخَفَرِ، وغَضَّ من صوته، وكلُّ شيء كَفَفْته، فقد غَضَضْتَه، والأمر منه في لغة أَهل الحجاز: اغْضُضْ. وفي التنزيل: (.. واغضُض من صوتك..) “سورة لقمان، الآية - 19”، أي اخْفِضِ الصوت. وفي حديث العُطاسِ: إِذا عَطَسَ غَضَّ صوتَه أَي خَفَضَه ولم يرفعه؛ وأهل نجد يقولون: غُضَّ طرْفَك، بالإدْغامِ؛ قال جرير: فَغُضَّ الطرْف، إِنَّكَ من نُمَيْرٍ، فلا كَعـْباً بَلَغْــتَ، ولا كِلابـــــا معناه: غُضَّ طَرْفَكَ ذُلاًّ ومَهانَة. وغَضَّ الطرْفَ أَي كَفَّ البَصَرَ. ابن الأَعرابي: بضَّضَ الرجلُ إِذا تَنَعَّمَ، وغَضَّضَ صار غَضّاً مُتَنَعِّماً، وهي الغَضُوضةُ. وغَضَّضَ إِذا أصابته غَضاضةٌ، وانْغِضاضُ الطرْفِ. انْغِماضُه. وظبي غَضِيضُ الطرْفِ أي فاتِرُه، وغَضُّ الطرْفِ: احتمالُ المكروه؛ ويقال: غُضَّ من بصرك وغُضَّ من صوتك. ويقال: إنك لَغَضِيضُ الطرْفِ نَقِيُّ الظَّرْفِ؛ قال: والظَّرْفُ وعاؤه، يقول: لسْتَ بخائن. وغَضَّ منه يَغُضُّ أَي وَضَعَ ونَقَصَ من قدره. وغَضَّه يَغُضُّه غَضّاً: نَقَصَه. ولا أغُضُّكَ درهماً أي لا أنْقُصُكَ. وفي حديث ابن عباس: لَوْ غَضَّ الناسُ في الوصِيَّة من الثلُث أَي نَقَصُوا وحَطُّوا. Esmaiel.Hasan@admedia.ae