الاستقرار في منطقة الخليج العربي يحتاج إلى قرار من دول المنطقة، الكبرى قبل الصغرى، بالتخلي عن ثقافة الأيديولوجيا الطاغية، والاعتراف بحق الجميع، والعيش في أمن وأمان.. فلا أحد يستطيع أن يدعي أنه الأقوى، في ظل عالم مفتوح على آخره، ومصالح دولية تقتضي بقاء هذه المنطقة ببحرها ويابستها، تنعم باستقرار سياسي ونهوض اقتصادي، كون الخليج العربي رئة العالم، وكبده وقلبه، وما يهم دول المنطقة يهم العالم أجمع، لذلك فإن الادعاء بالاستحواذ وبسط النفوذ تحت ذرائع عقائدية أو تاريخية، ما هو إلا وهم، يغوص في دياجيره أصحاب العقول الضيِّقة، والذين يعيشون على فتات أحلام لا تسمن ولا تغني من جوع.. فالدول العربية في الخليج، تفتح الصدور، وتمد الأيدي إلى كل من يريد أن يسلك طريق الخير والصواب، لأجل سعادة الشعوب وتطورها ولحاقها بركب الحضارة الإنسانية، وهي أيضاً لا تقبل أن تكون ضحية نعرات أو استفزازات أو نظريات عفا عليها الزمن، وباتت خاوية من المعنى والمضمون.
فمنذ فجر التاريخ، ودول الخليج العربية تسافر بعيداً، وتذهب عميقاً باتجاه تأسيس علاقات سياسية واقتصادية وثقافية مع الشرق والغرب، دون المساس بالثوابت ودون الاقتراب من سيادة الدول، وعلى هذا الأساس فإن هذه الدول استطاعت أن تبني صروحاً تنصع بالشموخ، وتمكنت من تشييد منارات ثقافية واقتصادية، يشهد لها القاصي والداني، واليوم ونحن في قلب القرن الحادي والعشرين، نفتح أعيننا على شهادات دولية، بأهمية هذه الدول في ترسيخ السلام العالمي وتعميق جذوره، الأمر الذي يجعل المسؤولية جسيمة تقع على عاتق الجميع بأن يوفروا الجهد في التنظيرات والالتفات إلى قيمة العلاقات الدولية المتكافئة، والمتلازمة والمنسجمة والمتجهة نحو تأكيد الصراحة والوضوح، دون مواربة أو باطنية، تظهر ما لا تبطن، ما يجعل القلق سيد الموقف، والاسترابة منطقة واسعة، تجوس فيها العقول والقلوب.
فالشعوب اليوم، شبعت من الشعارات، وعافتها نفوسهم، وصار الإنسان في هذه المنطقة يتطلع إلى قيادات توفر المال والجهد، لأجل التنمية، وتسخير الإمكانيات لأجل التعليم والصحة، والرفاهية الاجتماعية، بدلاً من تكديس السلاح، والتهديد به لأجل بسط النفوذ أو فرض الأمر الواقع بحجج واهية لا تخدم صديقاً ولا ترد عدواً.. شعوب المنطقة، تتمنى على الحكومات التي تتاجر بمصائرها أن تحترم حق الجيرة، وأن تبني علاقات سوية، ليضمن الجيل القادم مصيره ومستقبله.
أما عن السلاح، فإن أي دولة صغيرة كانت أو كبيرة تستطيع أن توفر فوهاته، وتصوبه باتجاه من يريد التعدي، ولكن النتيجة هي خراب المنطقة، ودمار إمكانياتها، وهدر طاقاتها، وانتشار المرض والتخلف، في حين تقتنص شعوب العالم الفرص، لأجل الاستفادة من الثروات، في صناعة المستقبل الزاهر.


marafea@emi.ae