كان الكرتون في طفولتي محدودا, تبثه القنوات الأرضية مدبلجا بالعربية الفصيحة ومقصوصا بمقص الرقيب يحمل قصصا إنسانية وعالمية من تراث الشعوب. معظم الشخصيات الكرتونية التي أذكرها كانت لأطفال : جورجي, هايدي, فلونة, كابتن ماجد, بيل وسبيستيان وغيرها.. وإذا تغيرت الشخصية صارت لكلب وفي أو لقطة مرحة أو لإنسان آلي محارب مثل غارنديزر ومازينجر الشهيرين. ما ان خلع القرن العشرون رداءه حتى تغيرت موجة الكرتون الموجه للصغار, وبرز البوكيمون المتغير غير معروف الهوية فلا هو حيوان وليس طفيليا ولا حتى كائن فضائي, ثم جاءت قصة اليوجي الغربية حيث الفتى الذي تعود له أرواح الفراعنة ليخرج الوحوش من كروت «البتة» الورقية! وأخيرا خرج لنا صناع الكرتون بشخصية «سبونج بوب» سبونج بوب شخصية كرتونية يرونها مرحة وأراها قمة في ثقل الدم» الغلاسة» كما يصفها المصريون, لم يعرف المرح أبدا طريقه إليه, ابتكره عالم الأحياء البحرية الذي يهوى الرسم ستيفن هيلنبرغ في عام 1986 والحمد لله أني كبرت قبل أن ينتجه كرسوم يعرض في طفولتي. اسفنج البحر غريب الأطوار الذي كان يسكن قاع الهامور في المسلسل الكرتوني, خرج من بيت الأناناس الذي يقطنه وصار يلاحقنا في كل مكان, تجده في عالم قرطاسية الصغار, وملابسهم, وأغطية أسرتهم , وديكورات غرف نومهم, بل وحتى محارمهم الورقية. لو أن جمهور سبونج بوب هم الصغار فقط لقلنا أنها دورة الحياة الطبيعية وهذا الكرتون جزء من شغف الصغار يحبونه كما أحببنا نحن شخصيات الكرتون التي تابعناها في طفولتنا, لكن المشكلة أن جمهور سبونج بوب هم الكبار فتيات وشباب, يجمعون صوره ويبحثون عن أدوار تحمل اسمه ترتديه الفتيات كأساور وإكسسوارات وقلائد, ويحملنه كحقيبة, ويعلقنه في السيارات, بينما يزين به الشباب هواتفهم, ويشترون ملابسا تحمل صورته, ويبحثون عن قمصان و»كابات» صفراء طبع شكله عليها, وجوده صار مزعج والأكثر إزعاجا غرابة الاهتمام به. في عالم القوقل هناك أكثر من 8 ملايين نتيجة بحث لاسم «سبونج بوب» بالعربية وأكثر من مليون صورة مختلفة, تعكس هذه النتائج اهتمام مستخدمي الانترنت العرب بهذه الشخصية الصفراء حرصهم على النقاش عنها أو نقل صورها. ما القيمة التي يحدثها هذا الشيء الأصفر حتى نراه في كل مكان, ما الحكم التي يرددها , وما الجميل فيه , حاولت استيعاب تفكير من حولي وقررت متابعة بعض حلقاته «السمجة» ثم سألت معجبيه ما الجميل في هذا الاسفنج فلم يجدوا إجابة إنهم يحبون صوره لأن الكل يحبه, والكل يجدون أنفسهم يحبونه دون سبب, حتى أن أغلب من يحمل صور اسفنج البحر عديم الأطوار هذا لم يسبق له أن شاهد حلقة له ولا يدرون أساسا على أي قناة يعرض, لكنهم « مع الخيل يا شقرا» يتبعون الموضة والهوس.