هو متزوج من إحدى قريباته وله منها سبعة أبناء، غير أن قلبه لا يزال غضاً يبحث عن الحب الذي وجده لدى زوجة جديدة عربية، حين كان الناس يتوجهون إلى خارج الدولة من أجل زواج مرتب عبر مقاولين يقومون بدور الخاطبة.
الزوجة الجديدة جعلته مفتوناً لجمالها وامتلاء جسدها الأبيض الغض، وطبخها الشهي الذي يرد الروح كما يقول، وليس كطبخ الأولى الذي يذكره بأيام العزوبية والغربة، ثم بأبنائها الذين يشعر معهم بالأبوة لأنهم يعرفون كيف يعبرون عن حبهم له ولنظافتهم وهدوئهم وحسن أخلاقهم. كانت كل تلك الصفات وسيلته لإغاظة زوجته الأولى البدوية المسكينة التي لا تعرف من الحياة الزوجية غير إنجاب الأطفال ومهام المنزل التي لا تنتهي.
علمته الثانية كيف هو الحب وكيف هو الزواج، وكيف يمكن أن يشعر الرجل بأنه سلطان زمانه وهو في منزله والجميع في خدمته ورهن إشارته، وعلمته كيف يكون طعم الحياة وكيف يكون البطن هو مفتاح الرجل إلى قلبه. غير أن صبرها نفد، فعمدت إلى المكيدة، وكيد النساء عظيم، وكانت لديها خادمة فلبينية نظيفة ومرتبة، فجعلتها ترتدي ملابس زاهية تكشف شيئاً من الجسد الممتلئ كلما دخلت لخدمته، كانت الزوجة الأولى تستغني عن وقتها معه لتدفع بالخادمة أمامه للتحدث معه ومسامرته، حتى أعجب بها وبخفة دمها، فوقع في حبها وتزوجها بترتيب من زوجته الأولى التي أرادت الانتقام من الزوجة الثانية.
انشرحت أسارير الزوجة الأولى لأنها استطاعت أن تغيظ الزوجة الثانية، لذلك كانت تردد دائماً أنه عندما تزوج عليها واحدة جديدة كانت من جنسية عربية، بينما عندما قرر الزواج من عليها تزوج من مجرد خادمة.
كان ذلك بالتأكيد يغيظ الثانية، لكنهما مع الوقت وجدا أنه لا بد من التحالف من أجل إخراج المستعمر الجديد، خصوصاً أن الزوجة الثالثة كانت أكثر معرفة بما يحتاجه الرجل منهما معاً، وتمكنت من السيطرة على قلبه وعقله في وقت قصير، بل إنها راهنتهما على أن تنجب له أضعاف ما أنجبته كليهما، وهكذا كان لدرجة أنها صارت هي الآمر الناهي وهي التي تقوم بتوزيع المصروف الشهري على الجميع.
بطبيعة الحال، كان الجميع يعيش تحت سقف واحد في منزل العائلة الكبير، ولذلك كانت هناك مكائد وقصص بين الثلاث، غير أنهن لم يكن يجرؤن أن تصل المشاكل إلى الزوج، خشية أن يتخلص منهن ويكتفي بالأخيرة، التي لم يعد قادراً على الاستغناء عنها. هو لا يزال يعيش سعيداً هانئاً وله من الأبناء عشرة، أكبرهم يسير في الدرب نفسه الذي خطه الأب، وما أوردنا القصة إلا كنوع من التغيير حتى لا يكون كل ما نقدمه دراما وحزناً، فأضفنا شيئاً من الفكاهة الواقعية من دون تعليق ومن دون تحفظات، لأن الدنيا بها «الزين والشين»، وذلك ما يجعل ألوانها متنوعة ومختلفة.


amal.almehairi@admedia.ae