المعلم المواطن والمعلمة المواطنة شخصان يتوجب أن نكن لهما الكثير من التقدير والاحترام والمحبة، أما المحبة فلا تقاس، لكن يمكن التعبير عنها بأكثر السبل بساطة وبأكثر الوسائل تطورا، يمكن أن يعبر عنها الطالب وولي الأمر ومدير المدرسة وحتى وزير التربية والتعليم نفسه، وهنا فلا بد أن نشير إلى حقيقة منسية في هذا الخصوص، وهي أن الكثير من المعلمين والمعلمات يعتبرون التعبير عن المحبة وبشكل علني أهم من أي شكل آخر من أشكال التقييم والتقدير، وربما اعتبروا تعبير المحبة أهم تقدير يمكنهم أن يحظوا به.
وأما الاحترام فواحد من أهم المعايير التي تحكم علاقة المعلم بكل الأطراف: الطالب، ولي أمره، إدارة المدرسة، الإدارة العليا وكل شخوص المجتمع تاليا، فإذا فقد المعلم هذه الميزة التي كأنها تولد معه كهالة نور، فإنه لا يتبقى من شخصية المعلم إلا السبورة والطبشورة والمسطرة، وهذه لا تخلق معلما ولا تعني معلما بالضرورة.
وأما التقدير، فاستحقاق لا يمكن أن نغض الطرف عنه لهؤلاء، فبدون التقدير بل وأعلى مستويات التقدير لا يمكن أن يبقى المعلم والمعلمة في مدارسهم يؤدون واجبهم كما يتطلبه المجتمع وأولياء الأمور، فحين نوفر ونقنن تقدير المعلم والمعلمة ماديا أولا ومعنويا ثانيا ومعا بالتساوي والتوازي، نستطيع أن نقول وبثقة، إننا قمنا بتطوير التعليم، وخلقنا معلمين جيدين ننتظر منهم إنتاجا جيدا وإبداعا وإخلاصا ومخرجات نفخر بها ولا نظل نشتكي منها ليل نهار.
التقدير بإقرار هياكل وظيفية، ومرتبات عالية، وتوصيف وظيفي، وسلم ترقيات وبدلات وإجازات ومواصفات توازي تلك التي يحظى بها الموظفون في مجالات مختلفة لا يبذلون ربع ما يبذله هؤلاء من جهد وتعب، ولا يتوازى دورهم بأهميته وحساسيته وخطورته مع أدوار المعلمين والمعلمات، فكيف نقول إننا نهتم بالمعلم، بينما يتقاضى هذا أضعف مرتب شهري بين مرتبات أقرانه من الأطباء والمهندسين والإعلاميين والمديرين وغيرهم، لم أسمع بمعلم يتقاضى 40000 درهم مثلا حتى بعد مضي 20 عاما في مهنة التعب والسهر والتربية والتعليم، بينما قد يتقاضى موظف عادي في واحدة من الشركات والهيئات الحكومية هذا الراتب بعد مضي عشر سنوات وربما أقل ... لماذا؟ لأن المعايير ليست منصفة للمعلم بالشكل المطلوب.
يحتاج المعلم إلى الكثير من مستويات التقدير المادي، على المستوى العام، حتى وإن كنا نقدر كل وقفات التقدير المتمثلة في الجوائز التقديرية التي تمنح لكثيرين منهم.
نحتاج مخرجات تعليمية عالية، ومستويات عالية، وطلابا متفوقين ومبدعين، ومدارس نموذجية، وكل هذا لا يمكن أن ينهض إلا على أكتاف هذا المعلم وعلى تعبه وسهره وجهده وصحته، فماذا يتوجب أن يأخذ في المقابل حتى لا يعطي بلا مقابل؟ يحتاج سقفا أعلى من الرواتب تستقطب أبناء البلد إلى هذه المهنة النبيلة، وكادرا ينصفه وينظم حياته الوظيفية ويعطيه حقه كاملا، قياسا بغيره من أقرانه وزملائه في وظائف العمل الأخرى في الدولة.


ayya-222@hotmail.com