ذات يوم عاقب أحد رؤساء أفريقيا منتخب بلاده بالضرب جزاء لهم على تقصيرهم الشنيع في مباريات كأس العالم بعد أن تعرضوا لخسائر فادحة وعادوا بخفي حنين، فتلقتهم الشرطة في المطار وأنزلت بهم عقوبة الضرب وبشكل قاس جداً لأن الرئيس رأى في خسائرهم المتتالية تقصيراً متعمداً يستحق العقاب، أما الحاكم الإداري في تنزانيا فقد أمر مدير الشرطة هناك بالتوجه إلى إحدى المدارس وإنزال عقوبة الضرب بالفلقة بعدد من المعلمين، ونفذت العقوبة أمام طلابهم وبحضور بقية المعلمين بسبب تأخرهم عن الدوام والغياب لعدة أيام وعدم أداء واجباتهم بالشكل المطلوب، مما يتسبب في ضعف الطلاب ورسوبهم وقد تم فصل الحاكم بعد هذه الحادثة الغريبة!!
وفي أزمة الثلوج العاتية التي تجتاح أوروبا، أمر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ثلاثة مسؤولين بينهم وزير الطاقة وحاكم منطقة روسيا ومدير شركة الكهرباء المحلية مساء الجمعة بقضاء ليلة رأس السنة مع سكان منطقة في موسكو محرومة من الكهرباء، وذلك لأنهم لم يفوا بوعودهم بإصلاح الأضرار التي تسببت فيها العواصف الثلجية، وقد خاطبهم بوتين قائلاً: “قلتم إن كل شيء سيتم إصلاحه (الجمعة) قبل الساعة الثالثة، ما كان عليكم أن تقولوا شيئاً ما لم تكونوا متأكدين منه، أعتقد أن عليكم قضاء ليلة رأس السنة في الظلام معهم”.
وكما تعاني روسيا كارثة ثلوج غير مسبوقة فإن أميركا التي تدير العالم بالأقمار الصناعية، ويجول جنودها في كل جهات الكرة الأرضية، وتتوزع أساطيلها في بحار العالم، اعترفت بفشلها التام في إدارة أزمة الثلوج التي أغرقت نيويورك في محيط من الجليد القاتل.
وكما يعاني ستة آلاف شخص في إحدى بلدات روسيا من انقطاع التيار الكهربائي منذ عدة أيام بعد سقوط أعمدة كهرباء تحت ثقل الجليد، فإن سكان نيويورك معلقون على سطح أبيض من الجليد بينما تغطس سياراتهم وشوارعهم تحت الثلج بلا نهاية وبلا أمل في الإنقاذ، لأن حكومتهم مشغولة بإنقاذ العالم من ويلات الديكتاتوريين والفاسدين.
من العجيب وغير المتوقع أن تصل الأحوال بقطبي القوة في العالم (الولايات المتحدة وروسيا) إلى حد الاعتراف المخزي بالفشل الذريع في إدارة أزمة مناخية، إذ يمكن أن نجد عذراً للقرى البعيدة والمتخلفة تقنياً إذا ما وقعت فيها، أما أن يكون الفاشل في وزن دول تطلق على نفسها القوى العظمى وتدير العالم كقرية صغيرة، وتعولمه على طريقتها، وتخطط أسواقه وملابس سكانه وشرابهم وتصنع لهم الساندويتشات التي يتناولونها وسراويل الجينز التي يرتدونها والترفيه الذي يتسلون به، أن تفشل أميركا في إنقاذ مدينة الترفيه والمال وناطحات السحاب من بين يدي الجنرال الأبيض حضرة الثلج، فهذا يعني سقوط هيبة الدولة بشكل قاطع.
السلطات فشلت فشلاً ذريعاً في اختبار الثلج في روسيا وفي الولايات المتحدة، والقضية ليست قوة طبيعة قاهرة، بل هو إهمال حقيقي لأن المسألة لاتعدو كونها استعدادات من نوع فائق التقنية، كان على بلدية نيويورك أن تعتمدها بدل أن تقف تتفرج على سكانها وهم يدفنون تحت الجليد على طريقة أفلام الخيال العلمي من نوعية داي افتر تومورو.
عائشة سلطان


ayya-222@hotmail.com