بعد طول أزمان وبعد امتحان وامتهان وبعد حكاية البحث عن النور في ثنايا البصيص المتألق من تراتب النجوم وأصلاب الكواكب، بعد كل هذا وذاك التوحش الليلي حين يعسعس الليل وتخنس الأقمار وتعبس الأزقة وتطفئ العيون أجفانها على سكون أشبه بوعد المنون، بعد هذا الوقت وبحكمة من القيادة الرشيدة تتفتح أزهار المكان على ضوء يأتي من الفجيرة العامرة بفرحة الإنسان وتهلل الخواطر بسماع دوي الرعد الذي سيأتي بالمطر ويتشقشق عنه برق الطاقة الحيوية التي ستلون الأرض وتزخرف السماء وتنسج خيوط الحرير في الساريات والشاهقات المرهفات بشفيف الزجاج النبيل.
بمكرمة سامية من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، سوف تتخلى رأس الخيمة عن بعض العتمة وسوف تتحرر من أصفاد الظلام الدامس والعجز الذي أرهق اقتصاد الإمارة وأتعب أهلها وأدمع عيون الكثير من الناس الذين خسروا في عقاراتهم وأملاكهم، والطلاب الذين تخرجوا من الجامعات سوف يتذكرون أيامهم الخوالي، يوم كانوا يلهثون تحت ضوء “الفنار بوفتيله” والحر يقرص أجسادهم العارية إلا من الملابس الداخلية، وسوف يضحكون على ذلك الماضي وتتنهد صدورهم إثر لواعج تمزق الأفئدة وتحرق الدم وكل من تعثر بحجر وهو يسير في زقاق مظلم سوف يتذكر أيضاً وكل من يستعيد الذاكرة ويسترجع مفردات خيال سوف يستدرج أشياء كثيرة تمت في مرحلة من مراحل العمر، حيث الظلام كان معضلة الذين يقطعون الدروب أو يشقون لأجل قراءة كتاب أو ينهكون لأجل متابعة حالة مريض في مستشفى لا يؤمن استمرار الكهرباء بين أضلاعه.
إذاً سيهل الهلال على رأس الخيمة من الفجيرة من محطتها العظيمة. والبشرى أولاً وأخيراً لأصحاب العقارات الذين تعطلت إشاراتهم وبعضهم الذين استعانوا بـ”الجنريترات” لعل وعسى نقوم بالمهمة بدون خسائر ولكن دون جدوى.. والبشرى الأكثر أهمية لأولئك الذين يشيدون منازل جديدة وقلوبهم تضم أيديهم خشية من يقال لهم سامحنا الطاقة لا تتحمل ويظل هؤلاء يرفسون التراب ندماً على ما جنته أيديهم حين فكروا في بناء الجديد وعدم الاقتناع بتجديد القديم.. وأكثر الذين ستعم فؤاده السعادة مدير دائرة الكهرباء في رأس الخيمة لأنه سيفتك من كثرة السؤال وعديد المطالبات والمراجعات والنداءات التي لا نهاية لها، لأنها مطالب أناس، لكن الحل يبقى مرهوناً بتوفير الطاقة، وقد جاء الحل مرصعاً بأنواره، وأساوره الذهبية هدية من يدٍ لا تقدم إلا الثمين والحصين والرزين.


marafea@emi.ae