لاحظت صديقتي أنها تضطر كثيراً لاستدعاء عمال الصيانة لإجراء إصلاحات مختلفة لهذا الجهاز أو تلك التوصيلات في منزلها كالمكيفات أو فرن الغاز ، ماكينة جز العشب ، توصيلات أنابيب المياه والصرف الصحي....، كل هذه الأجهزة والتمديدات يصيبها التلف أو العطل بعد فترة من الاستخدام، وهو أمر طبيعي وفق قانون العمر الافتراضي للسلع والمعدات ، لكن قد يكون للموضوع تفسير آخر !! .
المفارقة التي لاحظتها صديقتي بعد متابعة دقيقة ، هي أنها تلجأ لعامل الصيانة نفسه الذي بالكاد قد غادر المنزل منذ أسبوع ربما لأن عطلا ما أصاب الجهاز نفسه لأذى من المفترض به أن يكون قد أصلحه تماماً وقبض أجرته كاملة ، لكن الواقع يقول العكس فهذا العامل الذي عرف طريقه لمنزل ما يحوي أجهزة أو خدمات معينة بحاجة لصيانة وإصلاحات ، يظل يذرع الطريق للمنزل جيئة وذهاباً للسبب نفسه !!
فمرة الجهاز تعطل لأنه بحاجة لقطعة غيار أخرى ، أو الجهاز بحاجة لصيانة كاملة ، الكابلات بحاجة لتغيير، مواسير الماء لابد أن يعاد تجديدها فقد انتهت مدة صلاحيتها ، الجهاز يحتاج أن ينقل للمحل لإصلاحه ، الجهاز يحتاج لقطعة غيار مفقودة في السوق وربما احتجتم لشراء جهاز جديد ، في حين أن الجهاز لم يمض عليه سوى عام واحد ربما .
ينطبق الكلام على جهاز واحد وقد ينطبق على عدة أجهزة ، فبخرج العامل وكأنه قد زرع سبباً يجعله يعود لمنزلك مجدداً ليحرث الجهاز نفسه ثانية وثالثة ما يضعك أمام عدة استنتاجات تقلبها في رأسك لتعرف أصل الحكاية وفصلها ، لأنك تريد أن ترتاح وأن لا تكون عرضة لاستغلال أو إهمال أو ابتزاز ، وهنا تتبرع إحدى الخادمات بأن تشي على زميلتها أنها هي التي تخرب الأجهزة عمداً انتقاماً من سيدة المنزل أو لأنها تريد أن تريح نفسها من عمل ما بواسطة هذا الجهاز ، ربما تصدقها وربما لا ، لكنك تبحث عن أسباب أكثر منطقية !!
تقول صديقتي إنها سألت أحد موظفي شركات الصيانة العريقة في البلد ممن يتردد على منزلهم منذ سنوات طويلة لأنه تحت كفالة والدها ، وبدا لها أنه شاب طيب ، سألته عن ملاحظتها فقال لها بأن عشرات العمال في مجال إصلاح الأجهزة وتركيب المعدات والتمديدات يعتاشون على تجارة سماها “ تجارة التخريب “ أي تخريب شيء في الجهاز أو بعض الخدمات كي يتم استدعاء هؤلاء للمنزل ثانية ، لإصلاحه ، أو نزع قطعة غيار أصلية واستبدالها بأخرى قديمة ستقود لتلف الجهاز عاجلاً ، أو ... أي شيء يؤدي الى حدوث أضرار مستقبلية بخلق أسباب معينة لهذه الأضرار .
هذا رأي صديقتي التي اقتنعت به كثيراً ، لكنني أعتقد بأن لدينا مشكلة كبيرة في مستوى العامل الذي يشتغل في هذه المجالات ، فعادة ما ينتمي هؤلاء لجنسية آسيوية بعينها ، وعادة ما تكون تجارة عائلية يدرب فيها الأفراد بعضهم بعضاً ، فليس شرطاً أن يكون الكهربائي دارس كهرباء ، أو عامل تمديدات المياه قد تخصص في هذا المجال ، ليس هناك عمالة متخصصة، كي تتقن ما تقوم به ، لذلك فالعمالة الرخيصة غير الحرفية لن تقدم سوى هذه الخدمة الرديئة بطبيعة الحال وهو أمر تسأل عنه وزارة العمل بلاشك من حيث معايير العمالة التي نستوردها ومدى تأثيرها على نوعية الخدمات التي نتلقاها.


ayya-222@hotmail.com