الأسبوع الذي مر، لم يكن عادياً، والسبب أنه شهد صدور أكثر من قرار سيادي تصب جميعها مباشرة في حل مجموعة من المشكلات الجوهرية التي تمس حياة المواطنين في الصميم.
ولعل القرار الأكبر والأهم يتعلق بتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله بجعل المواطن المحور الأساسي في عملية التنمية، وما تبعه من تخصيص مجلس الوزراء لجلسته الأخيرة بالكامل لمناقشة موضوع التركيبة السكانية، وهو الاجتماع الذي أسفر عن اتخاذ مجموعة من القرارات السيادية الرئيسية، يتقدمها تحديد مستهدفات واضحة لنسبة المواطنين خلال العشرين عاماً المقبلة، بالإضافة إلى إنشاء صندوق يسمى «صندوق تحسين الإنتاجية» يهدف لتحفيز القطاع الخاص بالاعتماد على التطورات التكنولوجية، وتوفير العمالة الماهرة والمدربة. والحد من الاستقدام غير المنظم للعمالة الوافدة محدودة المهارة.
والمعنى من القرارات السابقة أن مجلس الوزراء وضع خريطة طريق واضحة ومحددة المعالم، لمعالجة الخلل في التركيبة السكانية في الإمارات، خلال السنوات المقبلة، هدفها تقليص الفجوة الحاصلة حالياً بين أعداد المواطنين بالمقارنة بأعداد المقيمين، وهو الأمر الذي كنا نفتقده سابقاً، بغياب مشروع وطني واضح تناقش فيه الكيفية التي ستحل بها المشكلة.
هذا بيت القصيد في الموضوع، منذ سنوات والكل يشتكي من الخلل الرهيب الحاصل في التركيبة السكانية، حتى أصبحت هذه الشكوى مثل الأسطوانة المشروخة التي تعيد نفسها من دون أن يتوقف أحد للاستماع لها، لأنها فقدت أهميتها من كثرة التكرار، والأهم لغياب آليات لحل المشكلة.
والأكثر من ذلك أن الخلل في التركيبة السكانية بات الجميع يتعامل معه باعتباره إحدى المسلمات في الإمارات، والتي لا يوجد لها حل، وأتذكر تصريحات لبعض المسؤولين يتندرون فيها بأن استخدام كلمة خلل في التركيبة السكانية غير سليم، لأن حقيقة الوضع أسوأ من مجرد وجود خلل، الحقيقة أننا نعاني انهياراً في التركيبة السكانية، باتت خلاله الهوية الوطنية مهددة بالذوبان.
والأرقام لا تكذب ولا تتجمل كما يقال، الأرقام التي كشفها المركز الوطني للإحصاء مؤخراً، تبين الصورة بشكل واضح وجلي بأن عدد المواطنين يبلغ 948 ألف نسمة من أصل حوالي 8.26 مليون نسمة، وهو عدد السكان في الإمارات، ومعنى هذه الأرقام أن كل مواطن يقابله سبعة أجانب بالتمام والكمال.
وبصريح العبارة الأمر لا يحتاج إلى أرقام لتبيان الخلل في التركيبة لأن الصورة واضحة وضوح الشمس، حيث أصبح المواطنون أشبه بالعملات النادرة، لدرجة أنك إذا ذهبت إلى بعض المناطق والأسواق لا ترى مواطناً واحداً بينما ترى العشرات والمئات من الجنسيات الأخرى، وكأنك مسافر في دولة أجنبية.


Saif.alshamsi@admedia.ae