الشعر فضاء جميل، سناء وضوء، نسيم عليل ونار حارقة، لا شيء يوازي القصيدة أنها إغواء وبعث للروح الجميلة داخل الإنسان، الشعر وحده الذي يحملك مثل الزبد أو غيمة تسبح في الفضاء؛ منذ أن وجد هذا الإبداع الجميل وهذه العبارات الموجزة والحاملة للمشاعر الإنسانية نحو أفق بعيد يملؤه الخيال ورقة التعبير والمعنى، والإنسان شغوف بالقصيدة والشعر. وبما أن الشعر هو الأجمل دائماً في عالم الإبداع والأكثر قدرة على الغوص في الأعماق الإنسانية، فإنه حالة جمالية بديعة يجب أن نحتفي بها وبكل الشعراء الذين ينتمون إلى هذا الفن الرفيع، ويجب أن يظل الشاعر طائراً محلقاً على أغصان القصيد أياً كان انتماؤه، اتفقنا معه في خط سيره وأسلوب قصيدته وشعره وأفكاره ومبادئه أو اختلفنا، في نظري هو طائر محلق في سماء الفن الشعري، مثل هذه الطيور السابحة في الحياة والغابات والبحار والقرى والمدن، ليس كلها ذات صوت جميل ولكنها مثال للحرية والانعتاق والحب، لا يهمنا صوتها قدر اهتمامنا بأنها كائنات جميلة وبديعة تضفي على الحياة حالة جمالية بديعة.. وعقل وقلب الشاعر ولسانه هو الأداة التي يعبر من خلالها عن حالته الشعرية ويقدم قصيدته التي تنطلق في الفضاء مثل فراشة أو نحلة أو زهرة أو غيمة أو زبد فوق الماء. الشاعر شيء مهم جداً وجوده في حياتنا اليومية، حيث بلسانه وفكره ورؤاه يقدم لنا الفن الرفيع وإبداع القصيدة وقد يكون للوطن لسان وحربة وسيف يدافع عن وطنه وناسه عبر القصيدة يرفع من شأن وطنه ويفند الحق من الباطل، ثم أن القصيدة الجميلة هي الوردة التي يحملها الناس أينما وجد الحب والجمال. كلنا قرأ خبر قطع لسان الشاعر اليمني وليد الرميشي، أنها كارثة إنسانية مخيفة وفكرة شيطانية متخلفة وفظيعة، لا يمكن أن يقدم عليها غير نفر من الجهلة والمعتوهين والمجرمين، ولا يوجد أي مبرر أو سبب مهما كان ذلك الدافع، سواء قد مجَّد السلطة أو قدحها، سواء كان معها أو ضدها، أن الحرية تبدأ من احترام الاختلاف. شيء مخيف أن يقطع لسان شاعر لم أسمع بها من قبل، فقط كان يحصل أسلوب القطع والقتل في أماكن التخلف والجهل، حصل أن قطعت أنوف النساء في مجاهل من الأرض، حيث يقوم بعض الجهلة من الرجال بجدع أنوف الزوجات في حالات التهم الخاصة هناك. غيرها لم نسمع بمثل هذه الفظائع، أن حالات التصفية والقطع والبتر متلازمة دائماً مع الجهل والتخلف. أي مستقبل لليمن لو ارتبط فعلاً هذا الحادث الآثم بمن ينشد التغيير!. متى يعرف عالمنا هذا أن نرد على الاختلاف في الرأي أو الفكر بمثل ما نطرحه من رأي، لماذا يواجه الإنسان العربي عند التعبير عن ذاته وفكره بالقمع والتصفية والجديد الآن قطع اللسان، أنها فكرة نخاف أن تتناسل في محيطنا العربي ويصبح الشاعر مهدداً بقطع لسانه أن هو مدح أو ذم. الشاعر وحده يجب أن لا يعاتب على القصيدة مهما كان شكلها أو نوعها أو مضمونها، وقد كان كذلك من زمن بعيد عندما كان الشاعر يحترم فكره ورأيه وقصيدته، وقد وصلنا من الأقدمين من الشعراء أنواع كثيرة من الشعر والقصيد الذي به الذم والقدح وأيضاً المدح والخروج على الأعراف وحتى الأخلاق، ولكن لم يفكر أحد بقطع لسان هؤلاء الشعراء، إنني أدين هذا الفعل الجاهل للشاعر وليد الرميشي الذي لا أعرفه ولا أعرف القصيدة التي بسببها قطع لسانه، كل المحبة والتقدير لأنه شاعر وكفا! Ibrahim_Mubarak@hotmail.com