تلقيت العديد من الاتصالات والرسائل، تعقب على ما جاء في هذه الزاوية حول حادثة اصطدام سبع سيارات في منطقة الخالدية بالعاصمة، إثر إصابة سائق السيارة المتسببة في الحادث بنوبة صرع. وهي حادثة سلطت الضوء على واقع يعج بعشرات الحالات المشابهة، بصورة أو أخرى، ويضطر فيها المستخدم المريض لإخفاء حقيقة مرضه أو إصابته عن رب العمل، خشية الاستغناء عن خدماته، من دون أن يدرك خطورة فعلته هذه، على حياته وحياة الآخرين. وحملت هذه الرسائل دعوات للجهات المختصة بإصدار رخص قيادة السيارات، بمراعاة التاريخ المرضي لبعض المهن، وبالذات الذين يعملون كسائقين، وبالأخص الذين يعملون مع شركات التوصيل أو النقل. وإذا كانت الشركات الكبيرة تولي مسألة اللياقة الصحية، اهتماماً يليق بمسؤولياتها تجاه صحة وسلامة الآخرين، فإن الكثير من الشركات والمؤسسات الصغيرة الأخرى، لا تهتم ولا تتوقف أمام هذه المسألة الخطيرة، قدر اهتمامها بعدد رحلات التوصيل التي يمكن أن يقوم بها السائق، بصرف النظر عن حالته الصحية، أو ما هو عليه من إرهاق.
البعض انتقل بالموضوع ليشمل الدور السلبي للغاية، التي تقوم بها الكثير من مكاتب جلب العمالة المنزلية، ممن تعاد اليهم مربيات وخادمات مصابات بأمراض نفسية أو يعانين من حالات صرع، ومع هذا لا يتوانون عن إرسالها للخدمة لدى شخص آخر، والذي يتعرض للخديعة من جانب تلك المكاتب التي تستغل حاجته السريعة للمربية أو الخادمة في المنزل، ومن أجل أن توفر تلك المكاتب على نفسها بعض مصاريف الاستقدام.
والحقيقة أن ما يجري في بعض هذه المكاتب بحاجة إلى سلسلة طويلة من المقالات والتحقيقات الصحفية، لا يمكن تغطيته في زاوية يومية واحدة. ولكن ينبغي ألا يحجب عنا الحاجة إلى مراجعة الإجراءات المتبعة في متابعة الحالة الصحية للعاملين في هذه القطاعات، كالسائقين وفئات العمالة المنزلية.
ونحن نتطلع بشيء من التفاؤل لقرار المجلس الوزاري للخدمات مطلع الشهر الجاري، بالموافقة على نظام جديد للفحص الطبي للوافدين إلى الدولة، يبدأ بفحصهم في مواطنهم الأصلية قبل إعادة فحصهم مرة أخرى لدى إصدار الإقامات لهم أو تجديدها، لأجل سرعة اكتشاف بعض الحالات المرضية المعدية الخطرة، أو أمراض نفسية وحالات صرع. فإن الواقع يدعونا لمراجعة الحالات الموجودة أصلاً داخل البلاد. ولا شك في أن سجلات الشرطة وإدارات المرور فيها، تترع بحالات من شاكلة الحادثة التي أشرت إليها. وهي أي تلك الإدارات تعاني من نتائج إهمال تلك الشركات والمؤسسات الصغيرة وبعض الأفراد من أرباب العمل، في متابعة الأحوال الصحية للعاملين لديهم، وهو مسلك يحمل جهلاً بأبعاد ومخاطر هذا الإهمال، وما يترتب عليه من خطورة مباشرة على حياة الآخرين. والأمر في مجمله يعبر عن حالة أو درجة شعور الفرد بمسؤوليته تجاه سلامة الغير. ومن هنا نتمنى أن يكون هذا الطرح مقدمة لتحرك أوسع وأشمل للحد من مخاطر وجود مصابين بهذه الأمراض من حولنا، ومساعدتهم على التقدم بأنفسهم للكشف عما يعانون، من أجل تقديم المساعدة الطبية والعلاج اللازم لهم.


ali.alamodi@admedia.ae