مصر
لا أجمل مما غنت فيروز لمصر حين قالت:
مصر عادت شمـــسك الذهب تحمل الأرض وتغترب
كــتب النــيل على شــــطــــه قـصـصاً بالحب تلتهب

ثورة مصر في الخامس والعشرين من يناير، لم تكن حدثاً طارئاً ولا غريباً على مصر، ربما تأخرت الثورة أكثر مما يجب، لكنها كانت لا بد أن تحدث، فمصر حراك سياسي على مد التاريخ، ومصر على الخريطة قلبنا وعاصمة سياستنا وقرارنا، كعرب وكمسلمين وكمسيحيين، مصر حبيبتنا جميعاً إذا عز الأحبة، وساحة لقاءاتنا ومنتدياتنا، وجامعتنا ومدرستنا ومدرسينا، مصر أغنيتنا وفيلمنا ونجماتنا الجميلات، ووسادتنا الخالية في ليال الغرام، ورواياتنا الجميلة الباقية في الذاكرة منذ عرفنا الطريق إلى الكتاب والروايات ودواوين الشعر.
أحداث إمبابة الأخيرة لا تمت لروح مصر ولا لوجه مصر ولا لهوية مصر، فالمصريون شرفاء وعقلاء وحكماء جداً، مصر بلاد لا تعرف الكراهية، وهي ليست أرض فتنة مذ كانت ومنذ وحدت الله على أرضها، ولذلك فإن الأحداث التي أُلبِست – عنوة - عباءة الفتنة الطائفية منذ يومين ليست من طباع أهل المحروسة أبداً، فالمصريون أذكى من أن يخططوا لوأد مشروعهم الإصلاحي والتغييري الذاهب بمصر نحو القانون والديمقراطية التي حلموا بها سنوات طوال.

لك ماض مصر إن تذكري يحمـل الحـق وينتسب
ولك الحاضـــر في عزه قبب تقــوى بها قــبب

إذا كان للعرب أن يحاربوا التطرف وأن يتخلصوا من الإرهاب، فليس أمامهم سوى نصرة مصر، والوقوف معها في الخندق نفسه، ثورة مصر هي ثورة العرب جميعاً، ونجاحها سيعم عليهم تماماً، كما عمت أنوار التعليم والتنوير من أرض مصر في الخمسينيات والستينيات، أيام المشروع القومي العربي الذي حملت شعلته مصر لولا عوائق الزمان والسياسة.

جئت يا مصر وجاء معي تعــب إن الهوى تعب
وسهاد موجع قلته هــارباً مني و لا هـرب

وإذا أراد المصريون أن يخرجوا من النفق المظلم الذي حشروا فيه سنوات طوال، فليس أمامهم سوى البقاء تحت المظلة نفسها التي نصبوها لأنفسهم طوال تاريخهم .. الانصهار الديني والوحدة الوطنية، تحت هذه المظلة انطلقت ثورتهم وبها نجحت، وهي الوحيدة الكفيلة بتفويت كل المشاريع والمؤامرات الموجهة إلى صدر مصر وأهلها.

الحضارات هنا مهدهـــــا بعــطاء المجد تصطخب
نقشت في الصخر أسفارها فــإذا من صـخرك الكتب
مصـر يا شـعباً جـديداً غـداً صوب وجه الشمس يقترب


ayya-222@hotmail.com