قرارات مجلس الوزراء السيادية التي اتخذها في اجتماعه الأخير برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أمس الأول لتحقيق التوازن السكاني، ومعالجة خلل التركيبة السكانية، في ضوء توجيهات رئيس الدولة لتمكين المواطن، وتحقيق التنمية المستدامة، بما يمكن المواطن ويجعله الهدف الأول والمحور الأساس في عملية التنمية، تضع خريطة طريق واضحة ولمدة 20 عاماً مقبلة للتوطين، وذلك وفقاً لسيناريوهات النمو الاقتصادي والديموجرافي المتوقعة، واستناداً لمجموعة من المبادرات الاقتصادية والاجتماعية.
الملامح الرئيسة التي عرضها الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، على اجتماع مجلس الوزراء، لعلاج خلل التركيبة السكانية، وإحداث التوازن في سوق العمل وضعت النقاط على الحروف، وأصابت العديد من النقاط المهمة التي تعيد التوازن إلى التركيبة السكانية، وتلغي العديد من المهن والحرف التي لا تشكل أي إضافة للاقتصاد أو للمجتمع، بل تشكل ضغطاً مستمراً على عصب التركيبة السكانية في البلاد، بما يحمل ذلك من مخاطر لهذه العمالة التي تأتي إلى بلادنا، وهي لا تحمل أي نوع من الخبرة أو المهارة.
هناك الكثير من المهن يمكن الاستغناء عنها بشكل كامل إذا ما تم اللجوء إلى التقنيات الحديثة، خصوصاً أن بلادنا، ولله الحمد، تملك البنية التحتية المتقدمة، والتي تضاهي أكثر الدول تحضرا وتطورا، وتوفر لنا السبل السهلة للتقليل من الاستقدام غير المنظم لهذه العمالة.
وتنفيذ هذه الاستراتيجية بلا شك يعتمد في الأساس على القطاع الخاص الذي فتح صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله أمامه أبواب السير على سكة التوطين، وفي اعتقادنا أن صندوق خليفة لتمكين المواطن، ومساعدة القطاع الخاص في استيعاب الكفاءات الوطنية، مع تحمل هذا الصندوق الفارق في الراتب سد كل الثغرات، وأغلق باب الحجج والأعذار التي كان يتذرَّع بها القطاع الخاص لاستيعاب الكفاءات الوطنية، خصوصاً أن حوالي 80% من العمالة المستقدمة من الخارج تخدم مشاريع القطاع الخاص بالذات في قطاع الإنشاءات والمقاولات والعديد من الحرف التي تحتاج إلى الآلاف المؤلفة من العمالة المستقدمة من الخارج.
ويتحمل القطاع الخاص في اعتقادنا المسؤولية الأولى في إنجاح سياسة إعادة التوازن للتركيبة السكانية في البلاد، وهذا القطاع لن يتضرر في ظل السياسات الواعية والراقية التي تنتهجها الدولة في سبيل الوصول إلى تحقيق هدف التوازن السكاني وتحقيق التنمية المستدامة التي تضع المواطن والوطن في مقدمة أولوياتها.
ننتظر من الجهات المعنية السرعة في تطبيق قرارات مجلس الوزراء ووضعها موضع التنفيذ لنشاهد دوران العجلة دون إبطاء، لأن الاستمرار في سياسات الاستقدام غير المرشدة لن يؤدي للوصول إلى التوازن، ولا بد من وضع ضوابط وشروط وعقوبات للقطاعات التي تخالف أو تعرقل الوصول إلى هذا الهدف، خصوصاً أن الدولة قدّمت الحلول وأعطت الامتيازات للقطاع الخاص الذي أصبح شريكا أساسيا في مسيرة التنمية، ونعول عليه كثيراً في علاج خلل التركيبة السكانية، ولا بد لهذا القطاع أن يتطلع إلى المستقبل برؤية جديدة تواكب تطلع الدولة للمستقبل وتترجم رؤية صاحب السمو رئيس الدولة للتمكين في كل شيء وفي مقدمتها تمكين المواطن.



m.eisa@alittihad.ae