الإمارات
قرأت حكايات شتى لأجيال من القادمين من كل مكان إلى هنا، قرأت في قصاصات الصحف وسمعت من أصحاب الحكايات أنفسهم كلاما كثيرا مليئا بالود، ومبللا بالدفء، وفائضا بالمحبة لهذه الأرض الطيبة، لهذه البلاد السخية، لهذه الإمارات التي لا زالت تعانق إنسانيتها كأحلى ما تكون، فتتقاسم الخير والأمل والأمان والجمال والرقي والمستقبل مع كل القادمين الذين أحبوها ووضعوا لبنة في بنائها وفضلوها في أحيان كثيرة على أوطانهم الحقيقية؛ لأنها أعطتهم ما حرمتهم إياه تلك الأوطان!!
يا إمارات على أبوابها يصرخ البحر وينهد الصدى
صرخ البحر طويلا، ولا يزال، وعلى ضفافه كان جدي الذي انغرس في ملح البحر طويلا، وكان أبي الذي سافر على مياه بحاره كثيرا وكانت جدتي التي علمت أحفادها أن محبة الوطن من الإيمان، وكانت أمي وصديقتي، وكان أبونا زايد الخير الذي ولدنا جميعا على حنان عينيه ودفء صوته وتقاسمنا معه عشق الإمارات.
الإمارات التي وهبت خير الأرض وأمان الزمان، فكانت تتباهي وستظل بنعمها، تحمد ربها وتتشاطر رزقه مع العابرين أرضها بسلام، بينما يحمل شعبها فكرة وحدتهم ويمضون مصممين على القفز بها إلى المستقبل بمنتهى الحرص، خاصة في هذا الظرف الصعب الذي يعبره العالم وسط خضات وانقلابات على كل السائد وثورات على التجاوز، وصهيل في كل الشوارع منادية بالخبز والحرية والكرامة.
ها هنا والأرض فاضت مدناً وعطاء أي صبح. وغدا لدينا كثير من التطلعات، ولدينا آمال كبيرة مبدأها ذلك الحلم الذي كان منذ أربعين عاما، ولازلنا نسافر في تفاصيله، نضيف عليه ويعطينا، نطلبه فلا يردنا، يكبر فينا ونكبر به، نحبه فيحمينا نحرص عليه فيتدفق في طريقا وطنا لا أجمل ولا أحلى ولا أكثر أمانا.
الحرص على الوطن إيمان بقيمته، بحقوقه وواجباته، بفروض المواطنة وأبجديات الولاء، بتضافر الجهود لإزالة كل عثرات الطريق في مشوار التمكين، تمكين المواطن في بلده، مشاركته في تحمل مسؤولياته، محبة تفاصيله، كل تفاصيله: شمسه وهواؤه، بحره ونخيله، موسيقاه وترنيماته، قصائد شعرائه وأغاني نهاميه، طعم الملح في بحره، وأسماكه ورطبه، ثياب صباياه وبخور نسائه، تلويحة يد زايد التي تلوح في البال دائما، وألوان علمه الخفاق دوما، شكل خريطته، نهضته، مياه خلجانه، أسماء صغاره، مراكب الصيد الراسية في مياهه، وغابات النخيل في العين ورأس الخيمة.
يتهدد العالم أخطار وأخطار، ويقتل الإنسان في الشوارع بحثا عن متنفس وعن مساحة حرية بحجم كف اليد، عن ماء نظيف ومسكن لائق ومساء يسير فيه المرء لا يخشى على نفسه قبضات رجال الأمن والبوليس، فلا يجد سوى السراب والصراخ ومقايضة الروح بالحرية، بينما يمنحنا هذا الوطن كل ما نشتهي بمنتهى الرحمة والنبل.
الإمارات بلد لا يعرف سوى المحبة، فبالمحبة كبر، وعليها تأسس ومضى نحو الغد مطمئنا.

ayya-222@hotmail.com