تنتابني الحيرة في اختيار الطريق والأسلوب الأقرب لما يحتويه القلب من عشق لوطنٍ تذوب في شجون حبه الأماني، فهو يستحوذ الفكر والأفكار، ويسيطر على الصباح والمساء والليل والنهار. وما يلامسني من حب الوطن ووقاره لا يفارقني، لكنه قد يفاجئني، فكالعاشق أعيش بين سطور أيامه مستلقية بين الحلم والأمل، وفي تاريخه تسكن بركة أجدادنا وتعبق بين جوانبه روائح طيب عنبرهم وأصيل عودهم، وجميع مقوماتها يجعلنا نعتدل في “الرمسة واليلسة” ونتحاشى العيب والحرام. فهو رافدٌ ووابلٌ لا ينضب من الخير والبركة والإيمان، وهو ما يصون كرامتنا وإنسانيتنا لما يعزز في دواخلنا من أمنٍ وأمان، وهذا قديم وعتيق وجميل. وقد تكثر على واجهاته ما يعكس التحديث والمواكبة وما يجعل من “الليتات” ما يعشي العين و”يخلي الثياب تلق وتصالج”؛ لكن فوق هذا كله وربما تحته لا ننسى أن وقوفنا وشموخنا كبشر وأولى خطوات حياتنا كانت على أرضه. أعدت تدوير ذكريات فضولي حيث أجرب المشي حافية في جميع بلاد الله التي أزورها، ولا أنسى حرقة أصغرها وأقربها، فاستخلصت أن وطني يحبني فحتى رمضاؤه رحيمة نحتملها بلا هوادة، خاصة عندما يتراءى لنا البحر أو الدكان أو الحدبة، نركض ولا نفكر في الألم!! نحن لا نستحي أن “نمشي، نتدربح، نتدسح، نتمردغ” أو حتى نَقْـصْـدّ قصص حبنا على ترابه “بلا عقال أو عباه”، فهذه الرمال تضمنا وستصون كرامتنا عندما نلقى الله فنحن منها وإليها، لذا نحن لا نكترث أو نأبه إلا بما يليق بفدائه ورفعة شرفه وشأنه. بالنسبة لي وطني هو الذاكرة التي لا يمكن فصلها عن الذات، ولن يتمكن حتى الجنون من تغيير تواصله بالقلب، قد يفقد المرء عقله فينسى اسمه ولكنه لا ينسى وطنه ومسقط رأسه. وتعزيزاً لهذا سألت فتيات أكملن قريباً عقدهن الأول عن الوطن وعن المغفور له الشيخ زايد –طيب الله ثراه- فقالت عوشة: “وطني مثل بيتي أحبه وأسكن فيه والشيخ زايد ساعد كل الناس وعندما توفي حزن العالم كله عليه”. وقالت علياء: “وطني يعني بلادي والشيخ زايد شيخ يحكم العالم وعندما كان عايش كان العالم كله فرحان ويوم توفي زعلوا عليه”. وقالت علياء “وطني هو الذي تربيت فيه والشيخ زايد شيخ من شيوخ الدولة يحب ويساعد على الحفاظ على الدولة”. لقد تركت انطباعاتهن البريئة والمحملة بمفاهيم الوطن ما غرسه الشيخ زايد طيب الله ثراه وما غار بعواطفي من الأعماق إلى الصميم، فهذه التعابير صادقة وشاملة بتفاصيل الوطن من جديد وقديم ومستحدث. ورنت في أذني كلمات نشيد قديم غازل الوطن... “وطني يا اغلى وطن في الدنيا وطني، يا قلعة للحرية أنت الباني مع البنيين، وأنت الهادم للعبودية، الصوت صوتك حر وعربي... يالي ترابك كحل لعيني يالي هواك عطره بيحييني انت حبيبي يا وطني... الأجمل”. bilkhair@hotmail.com