«احفظ المنتج بعيداً عن متناول الصغار»، عبارة نقرؤها على علب الأدوية، والكريمات، ومنتجات التنظيف، وأحياناً علب السكاكين، وكل ما يمكن أن يتسبب في أذى للصغار أو حتى الكبار، عبارة نعرفها مذ كنا صغاراً، كبرنا معها لندرك أن لكل سلاح حدين. هذه العبارة المنتشرة في كل مكان، كيف يمكن للعقلاء كتابتها على علب الأدوات التقنية، كيف يمكن أن نصيغها بأسلوب يناسب صغار العقول كبار الجثث، أولئك الذين يجدون في التقنية الحديثة وسيلة لإيذاء الآخرين وإيذاء أنفسهم، الذين تنطبق عليهم الكلمة المحلية «يهالوه» وهي تصغير كلمة «يهال» التي تعني «جهال»، قلبت جيمها ياء واشتقت من الجهل. هل من المعقول مثلاً أن تطبع تلك العبارة على أغطية اللاب توب و«كفرات» البلاك بيري، هل من الطبيعي أن تقولها أنت حينما تدرك أن من يمسك هذا الجهاز واحد من «اليهالوه» الذين توقف نمو عقولهم قبل سن النضج ووصلت أعمارهم إلى نصف قرن من الزمان. يدور هذا السؤال دوماً في عقلي، حين تصلني رسالة إلكترونية مكذوبة، واضح وضوح الشمس تلفيقها للحقائق، أو صورة «مفبركة» أو حتى بعض التنديد والتشهير بالناجحين، فأقرأ الرسالة وأشعر بغرابة أن يكون شخص كبير بمثل هذا العقل الضئيل في محيطي، ويزداد استغرابي حين تصلني رسالة بث مكذوبة على البلاك بيري من أناس يفترض أنهم عقلاء، يشغلون مناصب معروفة، ويفترض أن لهم وزنهم في المجتمع، أسماء لامعة بعقول «خاوية» للأسف. ينقسم صغار التقنية لنوعين، أشهرهما أولئك البسطاء الذين يمررون ما يصلهم من معلومات مكذوبة، أو افتراءات أو مواد غير موثقة بصفاء نية، هؤلاء صغار العقل فقط، لا يفكرون كثيراً ولا يتذكرون أيضاً أن يفكروا قبل تمرير أي رسالة، خاصة إن وصلتهم «برودكاست» . النوع الآخر هم صغار النفوس، وهؤلاء أسوأ - برغم قلتهم - يستعملون التقنيات لتصفية حسابات شخصية، جبناء يستترون خلف الشبكات الإلكترونية ورسائل البلاك بيري. يتضح ظهور هؤلاء عندما يتعكر الماء بحسب المثل الشهير، فهم أول من يلقي سنارته، لكن أسوأهم هو من يحاول أن «يعكر الماء» ليصطاد، مع الوقت يعرفون وتعرف أغراضهم، يحاولون التأثير على صغار العقول قليلي التفكير وتكون وسيلتهم في غالب الوقت كلمات جبانة تشي بهم وأفكارهم. عالم رسائل البث والبرودكاست على البلاك بيري، أضاف منفذاً جديداً «لليهالوه» يحاولون أن يشوهوا به نجاح الناجحين ويحطوا من قدر واثقي الخطى، لكنهم ولجهالتهم لا يدركون أن وجوههم معروفة وجهلهم واضح لا يحتاج لتبيان، هم وحدهم «كالطبل صوت عال وبطن خال» ، لكن غيرهم شجرة مثمرة ورافة الظلال، سيظلون أبد الدهر يرمونها بالحجارة لينالوا ثمرها، في النهاية هم «يهالوه» وهذه بالتأكيد ستكون أفعالهم.