من خلال متابعة الشأن العام، لم أجد جهة تملك مشروعاً حضارياً ذا مردود إيجابي على المدى البعيد، ومع هذا تسببت بسوء إدارتها له في احتقان علاقتها مع الجمهور، كما هو حال إدارة نظام المواقف المدفوعة الأجر” مواقف” في العاصمة. وأحدث مثال على ذلك الارتباك الذي يميز أداء “مواقف”، ما جرى خلال الأيام القليلة الماضية، إثر تطبيق النظام في حوضين من مناطق المدينة، على ضفتي شارع الشيخ راشد بن سعيد (المطار القديم). فقد فوجئ السكان بتطبيق النظام، رغم أنهم أبلغوا عندما تقدموا بطلبات استخراج التصاريح اللازمة، بأنه سيتلقون رسائل نصية بالموعد الفعلي لتطبيق الخدمة. وبدلاً من ذلك، وجدوا مخالفات الخمسمائة درهم، تحييهم منذ الصباح الباكر!!
أما في المنطقة المحيطة بجامعة زايد، فقد فوجئ الطلاب قبل الأهالي بتطبيق النظام، وفرض غرامات عليهم، رغم مناشدات إدارة الجامعة بتأجيل التطبيق لمدة شهرين، لأنها سوف تنتقل إلى الحرم الجامعي الخاص بها، والذي يعد تحفة معمارية وأكاديمية. إلا أن “مواقف” أصرّت على تطبيق النظام بحق طلاب يتمتعون في كل دول العالم بتسهيلات خاصة، ورسوم رمزية للخدمات التي تقدم لهم. وفي الحوض ذاته أيضاً، والذي يعد من أكثر أحواض المدينة اكتظاظاً بالسيارات، ويعاني ندرة في المواقف، نجد افتقار” مواقف” للمرونة في السماح لأصحاب التصاريح للانتقال إلى مواقف الحوض المحاذي، في الجهة المقابلة، والذي تتوافر فيه مساحات إضافية تستوعب المزيد من السيارات، وهي مرونة مطبقة في نظام المواقف المدفوعة مقدماً المعمول به في دبي، طالما المرء يحمل تصريحاً.
ومقابل هذا الإصرار على تطبيق النظام في المنطقة المحيطة بجامعة زايد، والتي هي بصدد الانتقال إلى حرمها الجديد، ورفض إمهالها لشهرين، نجد إدارة “مواقف” ترجئ لأجل غير محدد تطبيق النظام في حوضين يضمان معارض السيارات في الشارع ذاته، بحجة أن المنطقة التي خصصت للمعارض خارج جزيرة أبوظبي، لم تكتمل تجهيزاتها بعد. و”مواقف” أكثر الجهات علماً وإدراكاً لحقيقة أن معارض السيارات، هي المسبب الرئيسي لأزمة المواقف في تلك المناطق، بعد أن انتزعت مواقف السكان للسيارات المرابطة أمام المعارض والمناطق المحيطة بها.
ويبدو أن أصحاب معارض السيارات من السطوة، ما سمح لهم بإجهاض مبادرات البلدية والتخطيط العمراني للانتقال من المنطقة الحالية، رغم ما يتسببون فيه من أزمة وازدحام ومعاناة كبيرة، لا يشعر بوطأتها إلا من تقوده الظروف للسكن في تلك المنطقة.
إن إقبال وتفاعل السكان مع “مواقف” كان يمكن أن يكون كبيراً، لو أن إدارة”مواقف” تحلت بقدر من الحكمة والمرونة، التي تظهر معها بأنها تقود وتنفذ مشروعاً حضارياً رائداً، لا أن تكون جهة ينحصر دورها في جباية الأموال، وتحرير المخالفات، بصورة تسببت في تنفير الناس من”مواقف”. ولعل أول مراتب التنفيذ الحكيم للمشروع، إيجاد البدائل للناس قبل محاسبتهم على عدم وجود موقف لسيارة دفعوا رسم ترخيصها، ورسماً لتصريح موقف غير موجود أصلاً!


ali.alamodi@admedia.ae