أعلن بكل ثقة أيها السادة، أني صاحبة هذا المصطلح؛ وقد بدأت في استخدامه منذ أكثر عن عام، بعد أن أصبح لدي (بسبب عملي كمسؤولة للنشر الإلكتروني في صحيفة الاتحاد) ما يقارب 6000 عضو في خدمة «الاتحاد بلاك بيري»، ولكم أن تتخيلوا كم الرسائل «برودكاست» التي تصلني منهم؛ ونسبة إلى ما كانوا يرسلونه أطلقت عليهم تسمية «البرودكاستيون» وهم الذين يمررون رسائلهم لكل أعضاء قوائمهم.
كتبت سابقا عن هذا المجتمع، وأعود الآن بعد عام لأتحدث عن نفس الموضوع ولكن من زاوية أخرى، من تلك الزاوية التي يصر الكثيرون علي تجاهلها أو نكرانها، بل ويتبرأون من كل ما يمكن أن يعلق بها، وهو ما يصدره هذا المجتمع من رسائل طوال الوقت، وكأنه وهم، فيما الحقيقة أنه واقع حقيقي، يعبر عن شريحة كبيرة من مجتمعنا سواء اتفقنا معها أو اختلفنا.
في صفحة «الاتحاد نت» الأسبوع الماضي -وهي صفحة مختصة بنقل تفاعلات متصفحين الموقع الإلكتروني مع ما تنشره صحيفتنا- نشرنا في زاوية «برودكاست» ما تناقله «البرودكاستيون» حول زفاف وليام وكيت الملكي؛ والمفاجأة، أن الزاوية التي لم يكن فيها جديد سوى رصد ما تم تناقله -فلسفة الزاوية تقوم على الرصد فقط-، حصلت على دخول غير طبيعي، قد يكون أكثر المواضيع دخولا في الموقع منذ شهر تقريباً، بل وأكثرها تعليقاً أيضاً. الأكثر إثارة في هذه المسألة، ما وصلنا من تعليقات في الموقع حول المادة المنشورة، والتي بلغت طرفي النقيض في الوقت ذاته، بين الاعجاب الشديد وبين الاستخفاف بالطرح.
أتفق تماما على بساطة وسذاجة ما يتم تناقله من رسائل «برودكاست»، غير أن دلالته أكبر وأكثر عمقا من مجرد ثرثرات مضحكة بين أعضاء «البي بي ماسنجر»؛ فبجانب أن ما يتم تناقله يعبر عن طبيعة هذا العالم وأخلاقيات وأفكار أعضائه الذين هم جزء من مجتمعنا والذي علينا عدم تجاهله بحكم إننا جهة إعلامية -مهما اختلفنا معه-، هو أيضا يشف عن ملكات جديدة لم نعرفها عن مجتمعنا كاختراع الطرفة واختزال الأحداث وتكثيف الإسقاطات الاجتماعية، وكلها ميزات إيجابية لا يعقل أن توصف بالسخف والسذاجة؛ فنقل الواقع عبر النكت والسخرية، فن أدبي، وعمل ذو حبكة درامية لها تركيبتها الأدبية المكثفة، انشغل لدراستها كُتاب أفردوا لهم بحوث ودراسات، كونها-عادة- ما تكون إفرازات ساخرة للواقع غير المرضي عنه!
عدد زوار الزاوية «برودكاست.. وليام وكيت» أكد الازدواجية التي يعيشها الكثير من أفراد المجتمع، في ادعائهم المستمر واستخفافهم طوال الوقت بهذا الطرح، فيما مواضيع أخرى تطرح رؤى فكرية ونقدية في قضايا دولية ومصيرية، لا تحظى بأكثر عن مئات معدودة، وذلك في أفضل الأحوال!


Als.almenhaly@admedia.ae