استكمالاً لما آلت إليه حال الفتاتين الهاربتين اللتين نشرت قصتهما الأسبوع الماضي، فقد تقطعت نياط قلب الأم وأصيبت بصدمة نفسية أدخلتها المستشفى، الأب على الرغم من لهوه وهروبه عندما علم بالأمر حزن حزناً شديداً وندم على ما فات، وأخذ يضرب كفاً بكف ليتخبط بين أقسام الشرطة والمستشفيات والمطارات بحثاً عنهما. وعندما عجز عن العثور عليهما، وفشل في الحصول على أي أخبار عنهما أمام المنزل، كان يقضي ليله بعد أن يهده التعب والإنهاك ممسكاً برأسه مستغرقاً في بكاء شديد، فقد أيقن أنه فقدهما إلى الأبد بطريقة غامضة وعرف أنهما توفيتا، لكنه تمنى أن يرى جثتيهما على الأقل ليواريهما الثرى، فكم تذكر كيف كان يحملهما وهما غضتان في أحضانه ويداعبهما ويلعب معهما بحب وحنان، ما الذي دفعه إلى هجر المنزل وهجرهما وهما ما بقيتا له من هذه الحياة بعد أن فقد ابنه وسنده الوحيد، هل كانت نزوة شيطانية أم ماذا؟ لم يجد في نفسه ما يبرر له ما فعل غير لوم نفسه، فيأخذ يضرب صدره بكلتا يديه ويبكي بكاء شديداً إلى أن يصاب بإنهاك شديد، فيرتمي على الرصيف أمام منزله إلى الصباح فيقوم ليكمل بحثه عنهما دون كلل أو ملل. كانت الفتاتان قد رتبتا الأمر مع الشابين، وعندما أقلاهما من المطار توجها فوراً إلى مدينة مجاورة، حيث قضيتا هناك أياماً مع الشابين في نزل رخيص، لكنهما كانتا سعيدتين وتعيشان وكأنهما عروسين في شهر العسل. بعد اكتمال شهر تقريباً شعر الشابان أنهما اكتفيا من عبثهما وملّا منه، بل ربما جاءت الفكرة وذهبت السكرة، فقد أيقنا أنه لا بد أن يكتشف الأمر آجلاً أو عاجلاً، فالكل يبحث عن الفتاتين ولا بد أن يتم العثور عليهما، وهكذا اختفى الشابان ولم يعودا يذهبان إلى الشقة وسرعان ما شعرت الفتاتان بحجم المصيبة التي اقترفتاها، وبعد يومين من انتظار الشابين الذين لم يعودا أبداً ولم يكن لديهما أي طعام أو شراب وجدتا أنه ليس أمامهما سوى العودة إلى منزلهما أو السقوط في مستنقع الرذيلة من أجل الحصول على المال ولم تجدا حلاً ثالثا، كما لم تجدا أي وسيلة اتصال بالشابين اللذين اختفيا من حياتهما بنذالة.. لم تجدا غير العودة وهما تجران ذيول العار والفشل، لتجدان أمهما في حالة صحية سيئة والأب في حالة هذيان، ولكن الأمر لم يعد مقصوراً على الوالدين بعد كل هذا الغياب، فقد دخلا في تحقيقات جنائية انتهت بالوصول إلى الشابين، وإجبارهما على الزواج بهما لتعيشان مهملتين تتجرعان عارهما إلى الأبد. amal.almehairi@admedia.ae