سنوات مضت، ولم ينطفئ ولم يخمد بل بدا شعلة من نشاط يتجدد ويطمح نحو المزيد، ينسج خيوط أمسياته وندواته، ويثري الساحة المحلية ويلهمها الروح الثقافية من دون كلل أو ملل. هذا شأن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي، ومن سماته المطلقة الإصرار والتشكل، ومن خلال حضوره المرادف كصرح شامخ تدور في فلكه الرؤى الثقافية الرصينة المتجددة، ويلهمه ذلك الجمع من حوله كمرتكز لا يتلاشى، فما زالت الوجوه الرائدة ثقافياً مثابرة تحرص على الوقت ما بين السابعة والثامنة، قد تعلمت ألا تنحو بعيداً عن مساره، ولا تخرج من بيوتها إلا لتشرك ثمارها الثقافي بالنشاط النوعي والمبتكر، تلك الوجوه نفسها في السياق المتمكن، تحضر وتحاضر، تصافح مهنتها الإعلامية الشاقة، وتورد نشاطها وتوثقه بإتقان، فالمكان والذات الماثلة على الدوام في انسجام المحب، هؤلاء الأصدقاء الذين لا ينشد أكثرهم سوى حصيلة متبادلة من ناتج الحراك الثقافي. اتحاد الكتاب بمثابة البيت الكبير، والذي يضيف كثيراً من السمات على الساحة الثقافية، تتميز بالاستثناء والتفوق أمام مؤسسات مدججة بالأموال ومحصنة بالمساندة الإدارية، ولكنها ربما لا تؤدي ما يؤديه اتحاد الكتاب. فالاتحاد يكرس فعلاً إدارياً من خلال حضور رواده وجمعه، ويعمل في إطار اللجان الثقافية، والتي بدورها تعمل من خلال الحالة الاجتماعية والثقافية ولا تضع حداً ولا حصراً على البعض، لها منظومة واحدة أن ترقى ثقافياً بعطائها وبإنجازاتها. هذا السعي المفعم بالنجاح والموصول بالأهداف الثقافية يعزز المكانة الثقافية لمدينة أبوظبي أيضاً، مدينة تعرف إنها ذات استراتيجية يستذكرها اتحاد الكتاب في بلورة محيطه الثقافي المنتمي لهذه الاستراتيجية، ويشترك بمفهومها بعيداً عن الوسط الرسمي. هذا العام يعطي اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بعداً آخر لنشاطه، وهو مزيج ما بين الآماسي الإبداعية والنقدية، ويغذيها بالإضاءات المتنوعة في أنماطها، فقد تقام أمسية حول قصيدة واحدة، وهذا ممكن كون المفردة أساس البناء، وضمن الكم الهائل هناك عمل إبداعي ينبض بشكل مغاير، ولكل أديب عمل يتأصل من خلال حيز من الزمن، فمن طبيعة نشاط اتحاد الكتاب هذا العام إظهار مكامن وجوهر الأعمال الأدبية المهمة والأكثر تأثيراً. إن جوهر النشاط يتضمن مفهوم العلاقة ما بين الكاتب والقصة وليس الإصدار بأكمله، علاقة الشاعر بتفاصيل قصيدة، هذه الإثارة الممتعة يرغب المتلقي في الوقوف عليها ومعرفة كل التفاصيل منذ بدء الفكرة إلى تدرجها عبر كثير من الحيثيات النفسية المؤثرة. فمن خلال عناصر النشاط المتبع قد فض الجمع من رواد المؤسسات الثقافية ولابد من أدراج مفاهيم ذات رؤى مبتكرة تحث المتلقي على الانجذاب من جديد، ومن خاصية التجديد والابتكارات تعدد الأصوات المضادة، وهذا بحد ذاته إذا ما حدث سيحرك المياه الراكدة.