قد لا يعرف كثيرون منا كم صفراً يسبق الرقم واحد عند كتابة المليون، ولا حرج في ذلك لأنه لا علاقة لنا بهذا الرقم مطلقاً، حتى استخداماتنا الدراسية لم تتجاوز الألف والعشرة آلاف، وإذا قدّر وحصلت على هذا الرقم، فإن أول ما سأفكر به هو أين سأنفقه وكيف؟! ولكني متأكد من أن لبن العصفور أقرب لشواربي من هذا الرقم، لأن الطريق الذي قد أحصل منه على المليون لا أقربه وهو اليانصيب، أي أنني سأبقى على وضعي ولن أدخل قائمة المليونيرية التي تضم 55 ألف مليونير مواطن، اللهم لا حسد، وزد من أعدادهم وأرقامهم، وبارك في ما عندهم. في أحدث قائمة للمليونيرية بلغ عددهم بالدولة أكثر من ربع مليونيرات الخليج العربي، بنسبة تفوق 27% من إجمالي أصحاب الثروات الخاصة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية البالغ عددهم 200 ألف مليونير، ويملك الـ55 ألف مليونير مواطن 1.14 تريليون درهم، والتريليون هو ألف مليار، كما قيل لي في القسم الاقتصادي عندنا، وربع مليونيراتنا تتجاوز ثرواتهم مليون دولار أميركي أي ما يعادل 3.76 مليون درهم، فيما تحظى الدولة بثاني أضخم ناتج محلي إجمالي للفرد الواحد بين دول مجلس التعاون. ولأجل عيون هؤلاء الـ55 ألف مليونير قامت البنوك عندنا وحول العالم باستحداث أقسام وبرامج وأنشطة وفعاليات خاصة بهم، حتى أبوابهم التي يدخلون بها البنوك غير أبوابنا، فهم لا يعرفون جهازاً لسحب الأرقام انتظاراً لدورهم، ولا يسمعون أرقامهم بمكبرات الصوت، ولا يجلسون على كراسي حديدية مثقبة، ولا يعرفون الطوابير، ولا ينتظرون موظف البنك لحين انتهائه من صلاة الظهر أو توصيل أولاده للبيت، ولا يشربون قهوة عربية وضعت دلّتها على الطاولة من الصبح «وما تنشال إلا آخر النهار» هم غير، ومعاملتهم ما لا أذن فقير سمعت، ولا خطر على بال مسكين. وما دام لدينا هذا الرقم من المليارديرية نتساءل ماذا قدم هؤلاء للمجتمع؟ لماذا لا نسمع عن بنائهم المدارس، والمستشفيات، مراكز المعاقين، والمرافق الخدمية بالأماكن العامة، وصيانة المساكن الشعبية المتهالكة التي تتساقط على رؤس أصحابها من عجزة وأرامل، وذوي الدخل دون المحدود، لماذا لا تكون لهم مشاركات واضحة في صناديق لدعم الشباب، والزواج، والتعليم؟ لماذا لا يقومون بتخفيف العبء عن الدولة في بناء المساكن لمحتاجيها؟ لماذا لا تكون معسكرات الأندية وصيانة مبانيها على نفقتهم؟ لماذا لا نسمع عن تكريمهم وتشجيعهم للمبدعين والمتفوقين؟ ثم ألا يزكي هؤلاء المليارديرية، فتكفينا زكاتهم، فهي تكفي ولا نريد شيئاً غير أن تدفع لصندوق الزكاة بالدولة، أو الجهات الرسمية المعنية بتوزيع الزكاة. إن للدولة فضلاً على هؤلاء المليارديرية فيما يملكون لما قدمته لهم من تسهيلات وبنية تحتية، وما وفرته لهم من أمن وأمان، وغيرها الكثير من الخدمات التي عززت من نمو ثرواتهم وبالتالي فهم مطالبون برد شيء من هذا الجميل. محمد عيسى | m.eisa@alittihad.ae