إن ما جاء به الآباء والأجداد السابقون من طعام هو أقرب إلى النباتات منه إلى اللحوم، هو نتاج تعامل الإنسان في السابق مع البيئة المحيطة بشكل مباشر والذي بدوره أوحى إلى الأجداد التركيبات الغذائية النباتية التي تحتوي غذاء متكاملاً من أمثالها « الفول « تلك الوجبة الشعبية الرئيسية في مصر وعدد من عالمنا العربي وغيرها من الوجبات الغذائية التي تعتمد في الأساس على النبات كمكونات أساسية، فقد نجح الآباء والأجداد في استنباط القيمة الغذائية المتكاملة للوجبة النباتية الواحدة دون الاستعانة بالمختبرات أو غيرها من الوسائل الحديثة التي تفند كل تركيبة في الغذاء الواحد، فمثلاً طبق الفول لا يكتمل غذائياً دون إضافة زيت الزيتون عليه أو الزبدة، وكذلك وجبه العدس لا تكتمل مكوناتها إلا مع إضافة الرز أو الخبز لقد دفعني حب الاستطلاع إلى مناقشة عدد من النباتيين منهم ما هو عربي وأكثرهم من الجنسية الآسيوية باعتبار أن الآسيويين هم الأكثر ميلاً إلى الطعام النباتي بحكم العقيدة، فكان حديثي مع سانجي أكثر تفاعلاً حيث قال « إن مشكلة الغذاء في العالم بشكل عام ناتجة من اختلال في ميزان القوى بين البشرية وسيطرة البعض على أسعار اللحوم وإنتاجه، وأن الاتجاه إلى النباتات كغذاء رئيسي يقي العالم من الفقر الغذائي والأزمات والمجاعات التي تهدد مناطق كثيرة من العالم لاسيما في أفريقيا وآسيا. وأشار إلى أن الاهتمام بالزراعة والوصول إلى الاكتفاء الذاتي كما حدث في الهند والصين هي أفضل وسائل مباشرة لحل مشكلة المجاعات المنتشرة في العالم الناتجة من نقص الغذاء، واستطرد قائلا إن أغلب الآسيويين يعتقدون بأن أكل اللحوم يتسبب في شراسة الإنسان وقسوة قلبه على أخيه الإنسان».. يبقي رأي سانجي يمثل وجهة نظره! وأعرف شخصاً رحل عن دنيانا يرحمه الله حرم نفسه من أشهى وملذات الطعام واتبع أنظمة غذائية صارمة وحرم نفسه من كل ما هو دسم ومغري للشهية، فأصيب بمرض في الكبد توفي على أثره، وقبل موته نصح أبناءه بأن لا يحرموا أنفسهم من الطعام كما فعل هو وأن يأكلوا كل شيء ولكن بتوازن. فالغذاء المتوازن للإنسان هو الحل الأكيد للمشاكل الصحية التي يعاني منها ربع سكان العالم، منها ارتفاع الكروسترول وضغط الدم والسكري والضغط وغيرها من الأمراض التي يسببها الطعام الغذائي السيئ مع اتباع برنامج رياضي يستطيع المرء منا تحقيق هذا التوازن وجلب كل العوامل الإيجابية المؤثرة في الصحة. عمليا أثبت العلم الحديث أن أمراض الضغط والسكرى وتصلب الشرايين وغيرها من الأمراض سببها الرئيسي الإفراط في تناول البروتينات الحيوانية، وهو ما يدعو إلى الإقلال منها لمن يعانون من هذه الأمراض، وأيا ما كان فإن العودة إلى الطبيعة بات مطلباً لمن يبحث عن التوازن، لأن قليلاً من الأطعمة النباتية يصلح ما أفسدته الدهون والبروتينات.