يبدو أن البعض قرأ بطريقة معكوسة تصريحات معالي صقر غباش وزير العمل حول الخطط الجديدة لهيئة “ تنمية” والتي أكد فيها المسؤولية التضامنية بين الدوائر والمؤسسات الحكومية الاتحادية منها والمحلية، وبين القطاع الخاص فيما يتعلق بتعزيز برامج التوطين. وكان الوزير بصفته رئيساً لمجلس أمناء هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية “تنمية”، قد أعلن في تصريحات عقب اجتماع للمجلس ملامح خطط عمل طويلة الأمد تستهدف جعل المواطن خياراً وليس إجباراً في سوق العمل، وذلك من خلال ثلاثة محاور رئيسية لعمل الهيئة خلال الفترة المقبلة، يتمثل المحور الأول في بلورة دور حكومي متكامل يقوم بتطوير سياسات تستهدف إيجاد وظائف في قطاعات اقتصادية، وبالذات ذات القيمة المضافة العالية. أما المحور الثاني فيعتمد على إشراك القطاع الخاص بصورة فعلية ملموسة في جهود التوطين وتشجيعه على التفاعل مع جهود الدولة التي تتضمن تقديم حزمة من الحوافز والمزايا للجهات الملتزمة برفع نسب التوطين فيها وتمكينهم من تحقيق الريادة في مجالها. أما المرتكز الثالث فيتعلق بوضع صيغة للحوكمة المؤسسية تتيح للمؤسسات الممثلة في مجلس إدارة “تنمية” التكامل والتضامن لإنجاز خطط وبرامج التوطين على قاعدة من التساوي والشراكة. وقد قرأ البعض من تلك التصريحات أنها لم تحمل جديداً في قضية مؤرقة وأصبحت هاجساً وطنياً، وقرأ من بين سطور كلام الوزير أن أمر التوطين بات خياراً لا إجباراً، ونسي البعض أن الدولة عندما تتبنى مثل هذه الخطط في حقب الانفتاح الاقتصادي وتحرير سوق العمل وتعزيز التنافسية الاقتصادية، فإنها حرصت على تسليح المواطن بالتعليم النوعي والتأهيل الرفيع لخوض معترك يصبح فيه المواطن الخيار الأفضل من قبل الجهات الموظفة، ومن هنا كان عنوان المرحلة المقبلة جعل المواطن خياراً لا إجباراً في خطط وبرامج التوطين، في مرحلة لم يعد فيها وجود لتلك المزاعم حول إنتاجية المواطن والتشكيك في كفاءته أو ثقافة العمل لديه، مزاعم يفترض أن تكون شيئاً من الماضي. وكان وزير العمل قد شدد في مؤتمر صحفي عقب انتهاء أول اجتماع للتشكيل الجديد لمجلس “أمناء تنمية” على أن التوطين يعتبر مسؤولية تضامنية تكاملية بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية والقطاع الخاص والمجتمع، و”أن معيار النجاح في عمليات التوطين ينطلق من تحديد النسب والأرقام الحقيقية للمتعطلين عن العمل، بحسب تخصصاتهم ومناطقهم الجغرافية، خصوصاً في ظل تباين الأرقام الحالية وتكرار بعض أسماء المسجلين لدى المؤسسات الاتحادية والمحلية ذات العلاقة بالتوظيف وتنمية الموارد البشرية الوطنية، لا سيما مع وجود شاغلي الوظائف غير أنهم يرغبون بوظائف أخرى. ونتمنى بالفعل الانتهاء من توحيد المفاهيم وتجميع المعلومات في غضون الأسابيع الخمسة المقبلة، التي حددها الوزير، حتى نعرف بالضبط ما إذا كان واقع ما نسمع عن 35 ألف مواطن باحث عن عمل، بطالة بين الخريجين أم تعطلاً لتحسين الدخول؟. وكما قال الوزير فلا خيار هناك أمام من تحمل مسؤولية ترجمة هذه الخطط إلى واقع، سوى النجاح في إنجاز مهام التوطين بعد أن أصبح القطاع الحكومي غير قادر لوحده على استيعاب الأعداد الكبيرة من الخريجين الذين تقذف بهم إلى سوق العمل مؤسسات التعليم العالي من داخل وخارج الدولة. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae